الحفيد اليتيم الذي زوجته جدته - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الحفيد اليتيم الذي زوجته جدته

  نشر في 14 فبراير 2020  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

هذه القصة كتبتها كاتبة فرنسية و قد إستوحتها من واقعة في الريف الفرنسي و إن شاء الله وفقت في الترجمة.

في قرية بالريف الفرنسي، ربت جدة فرنسية حفيدها اليتيم من الأب و الأم. سهرت عليه، كبر و نما الطفل الصغير، نجح في دراسته و تخرج من جامعة "ميتز" و عاد إلي مسقط رأسه ليعتني بجدته.

كان شابا رزينا مكتمل الرجولة، هادئا مطيعا لجدته، في المدينة و هو طالب وجد صعوبة لإقناع زميلاته بأنه غير متعلق بأي واحدة منهن و في قريته كان كل أب يتمني لإبنته ذلك الشاب زوجا.

كانت الجدة تفكر في مصيره بعد موتها في حالة ما تتركه عازبا و لاحظت صمته المطبق عن موضوع الزواج. فماذا فعلت ؟

فكرت مليا الجدة ثم قررت ما يلي "حفيدي شاب مثالي و لا بد ان يرتبط بزوجة فيها كل المواصفات المطلوبة. عليها ان تكون جديرة به لهذا سأقوم بما علي دون إستشارته."

خرجت في صبيحة، قامت بعدة تنقلات ثم أخذت إذن رئيس بلدية المكان لتستعمل قاعة حفلات البلدية لإجتماع مصيري بالنسبة لحفيدها.

قبل رئيس البلدية و مرت الأيام و الأسابيع و في عشية، عاد من عمله الشاب، فوجد رسالة من جدته تطلبه اللحاق بها في قاعة الحفلات. فتوجه هناك حائرا "ما بها جدتي ؟ لم تخبرني أننا مدعوين لحفل زفاف أحد شباب القرية و لا أحد منهم دعاني من أجل ذلك ؟" تساءل الشاب...

عندما وصل الشاب لقاعة حفلات البلدية هاله عدد السيارات و الحافلات التي توقفت هناك و عند المدخل وجد جدته إستقبلته أفضل إستقبال ليجد نفسه المسكين محاط من اكثر من 100 فتاة في كامل زينتهن إستجبن لإعلان في الجريدة وضعتها الجدة طلبا لفتاة تريد الزواج من حفيدها...........

فأمتلأت القاعة بفتيات جئنا من كل أنحاء فرنسا و كل واحدة تمني نفسها بأنها ستفوز بالشاب الأسطوري ...

لم يصدق نفسه الشاب و هو يستمع إلي جدته و يري هذا العدد الهائل من الفتيات العازبات حوله....

شعر بصدمة كبيرة جدا و اخفي إمتعاضه الشديد عن جدته. كان لا يريد ان يكسر بخاطرها فلم يتكلم علي الإطلاق و كان مستحي من النظر إلي الفتيات أمامه و في كل القاعة....

كان الشاب محرج بشدة و فكر في الإنسحاب من القاعة تحت اي عذر أو مسمي لكن كان خائف من ردة فعل جدته و التي كانت سعيدة بالأمر و كانت تعرض عليه الفتيات الواحدة تلو الأخري :

"جدتي الزواج أمر جلل و لست افكر فيه الآن. أشكرك جزيل الشكر علي مبادرتك لكنني...

قاطعته و قد علا وجهها الحزن "آه يا إبن إبني، لا تقل لي بأن و لا واحدة من كل الفتيات في القاعة أعجبتك...؟"

فإزداد حيرة علي حيرة و فجأة طرأ أمر لم يحسب له حساب لا من طرف الجدة و لا من طرف الشاب....

دخلت شابة في لباس سفر بسيط القاعة و أول من قابلت كان الشاب، فإقتربت منه و هي تنظر حولها مندهشة :

-عذرا سيدي إنني مسافرة بسيارتي، تعطل مرشدي الآلي و تهت عن الطريق الوطني رقم 4 ما إسم هذه البلدية ؟

فسعد بسؤالها و رد عليها سريعا. فشكرته و همت بالمغادرة :

-أرجو ان سيارتك لم تصب بعطب آنسة. قال لها مرافقا إلي مدخل القاعة.

-لا شكرا.

و كانت علي وشك المغادرة الشابة المسافرة، فإذا بالجدة تلحق بهما و تطلب منها البقاء و شرحت لها الهدف من هذا الإجتماع النسوي. فشعرت الشابة بموجة ضحك ستجتاحها أمام الجدة السعيدة بحفيدها و إحتراما لها حيتهما بإيماءه من رأسها و خرجت من القاعة....

فطلبت الجدة و تحت تأثير حدسها، أن يلحق الشاب بالشابة المسافرة :

-يا حفيدي إنها عابرة سبيل إذهب و تأكد من انها ستجد طريقها، فهي مسافرة.

فإستغل الفرصة الشاب للمغادرة و بمجرد ما خرج من قاعة الحفلات، شعر أن كابوس و إنزاح عنه و لمح في آخر الشارع سيارة الشابة متجهة إلي خارج القرية. فلم يفهم لماذا قرر ركوب دراجته النارية و إتباعها ثم سبقها مشيرا إليها بالسير خلفه. و هكذا أوصلها إلي الطريق السريع رقم 4.

أوقفت السيارة و شكرته ...حينها لاحظ الشاب ملاحة وجه الفتاة و بساطة لباسها و كيف أن حديثها راق :

-كلمت من لحظات والدي لأطمئنه، فهو ينتظرني في مرسيليا و تأخري أقلقه. قالت له.

عرف هكذا أن لهذه الشابة أب منشغل باله عليها.

فلم يفهم لماذا قرر محادثتها عما رأته في قاعة الحفلات :

-تكوني قد تفاجأت بالآمر آنسة و أنا مثلك.

فإبتسمت و قالت :

-بصراحة سيدي لم أكن اتصور أن مثل هذه الأمور تحدث في عصر الأنترنت و النقال...جدتك إمرأة رائعة و أتمني لك أن تجد الزوجة الصالحة و علي بالذهاب الآن لا اريد مزيد من التأخر...

عند عودته إلي البيت و بعد رحيل الفتيات حزينات لعدم إختيار واحدة منهن لتكون زوجة الشاب الرزين، حاول الشاب ان ينسي الجدة خيبة أملها، فكان جد لطيف معها لكن عقله كان يعمل بسرعة كيف بإمكانه أن يتصل مرة اخري بالفتاة التي جاء بها القضاء و القدر إلي باب قاعة الحافلات في سيارتها ؟

كان قد سجل رقم سيارة الشابة، فذهب بعد أسبوع كامل من التخمين و الأخذ و العطاء بين عقله و قلبه إلي مدينة مرسيليا و هناك إستخرج من المصلحة المعنية إسم و لقب صاحبة السيارة، فسأل عنها أحد أصدقاءه بالمدينة ...

-إنها أميرة المدينة، أباها احد أثرياء المنطقة و هي إنسانة غاية في التواضع و كونها لازالت تدرس في باريس، فهي تأتي من حين لآخر إلي بيت العائلة لتطمئن علي أبيها...رد عليه الصديق.

عاد الشاب إلي قريته و هو يفكر في الشابة الثرية، كيف له أن يربط مصيره و هو المهندس ذو الإمكانيات المتواضعة بفتاة ثرية من عائلة عريقة ؟

هذا و هو لا يعرف شيء عما تكنه له...

فلاحظت الجدة شرود حفيدها، فأستوضحت منه الأمر، فعرفت هكذا إسم الفتاة...

تصورا ماذا فعلت الجدة ؟

تغيبت الجدة ليومين مدعية انها ذاهبة لمدينة تزور أختها الصغري و في الحقيقة إنتقلت إلي بيت والد الشابة و طلبت مقابلته، فإستقبلها الرجل بفضول و حكت له حكاية حفيدها من أولها إلي آخرها.

فنظر لها الأب مستفسرا :

-طيب سيدتي، ما هو مطلوب مني ؟

-هل تقبل حفيدي زوجا لإبنتك ؟ سألته الجدة.

السؤال باغت الأب لحظات ثم رد :

-إذا ما قبلته فيونا إبنتي طبعا سأقبله لكن أولا علي بالتحقق من سيرته ثم أجيبك.

-جيد هل هذا وعد منك ؟

-طبعا سيدتي.

عادت الجدة إلي قريتها و تمضي الأيام، فإذا بالشاب يتلقي دعوة من صديقه لتناول وجبة عشاء في مدينة مرسيليا بمنزل مضيف لهم.

ذهب و أوصله صديقه إلي بيت فيونا و هناك إستقبله الأب مع إبنته التي لم تكن تعلم بدعوة والدها له. فإلتقي الشابان مرة ثانية في حضور الأب و رأي كل واحد منهما الآخر، فضحكا و ابتسم الأب فقد إطمئن علي مصير فيونا إبنته.

و بدون أدني تردد و أمام الأب طلب الفتي من الفتاة يدها، فقبلت و أعلنت الخطوبة بعد يومين في حضور الجدة و في حفل مهيب و بعد شهرين تزوجا في حفل متواضع. فكما قال الخطيب لحماه " علي فيونا أن تعيش وفق دخلي عمي..."

و هكذا إطمأنت الجدة علي حفيدها..


  • 7

  • نظرات مشرقة
    روائية و قاصة باللغة الفرنسية مناضلة حقوق إنسان باحثة و مفكرة حرة
   نشر في 14 فبراير 2020  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات

إيمان منذ 4 سنة
جميلة... راقت لي.
2
Ahlam منذ 4 سنة
ابنتي تبلغ من العمر عشر سنوات تقول لي وانا اقرأ عليها القصة انها لا تحب الادب الفرنسي ما رايك عزيزتي السيدة عفاف بهذا بصفتك مناضلة و قاصة ولكي مني ازكى التحيات
2
نظرات مشرقة
أفضل الأدباء الروس علي الأدباء الفرنسيين فتولستوي و بوشكين اقرب إلي قيمنا من بلزاك و فلوبير ما رأيك أختي العزيزة ؟
Ahlam
و هل هذا يؤثر في شخصية الطفل اختي العزيزة عفاف
نظرات مشرقة
طبعا أختي الكريمة أحلام فنحن أبناء القصص التي أثرت فينا في طفولتنا و مراهقتنا و رافقتنا لأعوام
Ahlam منذ 4 سنة
ماذا اقول عزيزتي السيده عفاف افتخر بك وبقلمك
1
نظرات مشرقة
ربي يحفظك أختي الكريمة أحلام جزيل الشكر
احسنتي اختي الفاضلة المحترمة نظرات مشرقة بوركت جهودك
1
نظرات مشرقة
بارك الله فيكم سيدي الكريم اللهم يتقبل منا جميعا
أماني منذ 4 سنة
❤❤من اروع ما قرأت
احب القصص بنهاية سعيدة استمري حبيبتي
1
نظرات مشرقة
اللهك يحفظك و يثيبك عني كل خير، بوركت مع سلامي الحار لك...

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا