معاناة إنسان (رواية مترجمة)
ليس هناك أجمل من أن تقرأ نصا، سواء كان نثرا أو شعرا، ثم تجد بعد الانتهاء من قراءته أن عقلك لم يتوقف عند حدود القصة التي رسمها المؤلف.
فرغتُ منذ ساعات من قراءة رواية تحمل اسم "هانا" للمؤلفة التشيكية "ألينا مورنشتاينوفا"، وترجمها إلى العربية محمد منصور ترجمة أنيقة. صدرت هذه الرواية عن دار نشر نينوى.
تدفعك الرواية إلى طرح العديد من الأسئلة. هل يتعلم البشر من أخطائهم؟ هل نحن حقا كائنات انتهازية ونسعى لتحقيق مصالحنا دون النظر إلى ما نسببه من ضرر للآخرين؟ هل تشفع لنا دماثة خلقنا في يوم نكون في أمس الحاجة إلى الرحمة؟ وهل يمكننا بعد أن نتخيل أنفسنا في مكان الآخر أن نلتمس له العذر؟ ولماذا هذا الآخر لا يسامح ويكرر ما قد فُعل به؟ هل الانتقام غريزة بشرية؟ هل قدر الإنسان أن يعاني؟
كعك أصفر مطلي بالعسل يختبئ الموت فيه.
لم أستطع إخبار ميرا أنني قتلت والدتها،
أنني نجوت من الجحيم، لأحمل الموت معي أينما حللت.
***
كل الأشخاص الذين أحبهم ويحبونني ذوي حظ عاثر. أعرف ذلك منذ زمن. ماتت أمي لأني عطلت رحلتنا إلى إنجلترا. حُكم على ليو بالإعدام لأني لم أستطع إبقاء فمي مغلقا وقلت أنه والد الطفل…
كلها أسئلة قد تعصف بك بعد قراءة أجزاء الرواية الثلاثة؛ الجزء الأول: أنا، ميرا 1954-1963، الجزء الثاني: الذين سبقوني 1933-1945، الجزء الثالث: أنا، هانا 1942-1963.
بعد الانتهاء من حكاية "هانا" ربما تهمس لنفسك بحقيقة تكرار التاريخ لنفسه؛ من كان البارحة ضعيفا سيصبح غدا قويا وسيحكم قبضته، ومن كان البارحة مظلوما سينتقم غدا ويمارس دور الظالم ناسيا ما تذوقه من مرارة. ربما يكون المنقذ من هذا المأزق هو قراءة التاريخ بتمعن، أو ربما لا يوجد.
-
Bothaina Abubakrمترجمة وباحثة في الأدب العربي والتشيكي