كيف تقرأ 100 كتاب في السنة؟
تجربتي في تحدٍ ذاتي للقراءة خلال عام كامل
نشر في 04 يناير 2022 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
في هذا المقال سأتحدث عن خلاصة تجربتي المتواضعة في القراءة لمدة سنة كاملة، بحيث سأتطرق فيه لأهمية فعل القراءة عامة، وكيف يقرأ المبتدئ قراءة فعالة ؟ ثم كيف يمكن للقارئ النهم أن يضع تحدياً سنوياً لقراءة 100 كتاب ؟
.. القراءة طريق التقدم الحضاري
إذا كانت المعرفة هي الوسيلة الأمثل للتقدم الحضاري فإن القراءة هي الوسيلة الأمثل للحصول على تلك المعرفة، لذا لا يجب أن نستغرب من دول الغرب المتقدمة إن هي أعطت وتعطي قدراً كبيراً من الاهتمام للقراءة والمعرفة. بل لا يجب أن نستغرب من رقي حضارة العرب وتقدم حضارة الإسلام قديماً لما كانت تولي لفعل القراءة أهميته وأين آلت أوضاعها بعدما ضيع أهلها الجدد رسالة إقرأ.
وعلى الرغم من أن مسألة جعلِ القراءة عادة يومية في حياتنا تكاد تكون صعبة في البداية، وخصوصاً في عصرنا الحالي المليء بالملهيات وكثرة وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن الأمر مفيد بشكل كبير للإنسان إذ يكون للقراءة تأثير واضح على طريقة تفكيره وعلى حياته الشخصية بالكامل، والأمر في الحقيقة يتطلب منا إحداث تغيير جذري في سلوكياتنا وأولوياتنا اليومية.
وحسب تجربتي الشخصية، فإن وضع تحدٍ سنوي يساعد كثيراً على المضي قدماً في القراءة وبإمكانه إخراجك من منطقة الراحة أو منطقة الخمول والتكاسل إلى منطقة الشجاعة والبحث عن التطور والنمو من خلال الاطلاع على مصادر متنوعة جديدة والتعلم من مختلف تجارب الآخرين، عسى أن تحقق المزيد من النجاح كما قال ستيفن كوفي : "الشخص الناجح هو من لا يزال مستعداً لتعلم المزيد".
.. القراءة الفعالة للمبتدئين
لن نختلف أن أهمية الموضوع تكمن في القراءة المثمرة والاستفادة مما نقرأ بغض النظر عن الكم المقروء، خصوصاً لمن يريد بدء مشواره في القراءة، يفضل ألا يركز على عدد الكتب وإنما على حسن اختيار ما يطالعه ولو كان كتاباً واحداً في الشهر، وذلك لكي يتقد عنده حب القراءة ويتحفز للترقي والتنوع في الكتب شيئاً فشيئاً.
لذلك، لو أراد الشخص المبتدئ تخصيص كتاب واحد فقط لكل شهر، وباعتبار أن متوسط حجم الكتاب هو 200 صفحة، فسيحتاج إلى قراءة أقل من 7 صفحات في اليوم أي 10 دقائق يومياً، وأظن أن توفير عشر دقائق لغذاء العقل يومياً يجب أن يوضع ضمن الأولويات مقارنة بتخصيص ساعة ونصف على الأقل لغذاء البطن (ثلاث وجبات في اليوم بمعدل نصف ساعة لكل وجبة).
إن أصعب نقطة هي البداية، لكن لِنكن على ثقة أننا سندهش من أنفسنا عندما ننطلق ونتابع التقدم الذي حققناه.
فلو التزم الشخص المبتدئ بقراءة 10 دقائق فقط يومياً قبل النوم، وقام بتخصيص كل شهر للقراءة في مجال مختلف، ستنتهي السنة ويجد نفسه قد أتم 12 كتاباً من فنون متنوعة.
وطبعاً كلما زادت مدة القراءة اليومية زاد مقدار عدد الكتب المقروءة خلال السنة.
.. تجربتي مع تحدي القراءة السنوي
مَعَ بداية سنة 2021 رفعت تحدياً ذاتياً في مجال المطالعة والقراءة، حيث خططت لقراءة ما لا يقل عن 100 كتاب خلال السنة بمعدل 9 كتب كل شهر، لكن طبعاً لم يكن من السهل تحقيق جزء كبير من مثل هذه التحديات إذ كما يمر الإنسان بصفة عامة من مراحل نشاط فإنه قد يعتريه الفتور بين الفينة والأخرى، وتظهر أحياناً ظروف مختلفة وأمور ذات أولوية قصوى قد لا تُمَكنه من تحقيق هدفه بالنسبة التي يرنو إليها.
وكذلك كان، ففي نهاية ديسمبر 2021 قمت بتحقيق نسبة 85% من الهدف الذي وضعته لكامل السنة؛ حيث أتممت بحمد الله وتوفيقه 92 عنواناً خلال سنة 2021، ما بين الكتب المعرفية والروايات والمجموعات القصصية، منها 86 كتاباً باللغة العربية (93,5% من المقروء) وستة كتب باللغة الفرنسية (6,5% من المقروء). أما من ناحية أخرى فقد كان نصيب الأسد للكتب الورقية 65 كتاباً (أكثر من ثلثي مجموع المقروء) مقابل 27 كتاباً إلكترونياً (أقل من ثلث مجموع المقروء).
.. كيف تقرأ 100 كتاب في السنة ؟
إن قراءة 100 كتاب في السنة يعني تقريباً قراءة ثمانية إلى تسعة كتب في الشهر، وهذا يعني قراءة كتاب واحد في كل ثلاثة أيام ونصف تقريباً.. وقد يظن البعض مبدئياً أن وضع هدف قراءة 9 كتب شهرياً أمر جنوني !! لكن، وكما سبق أن ذكرت، لو اعتبرنا أن متوسط كل كتاب هو 200 صفحة مثلاً فهذا يعني قراءة ما مجموعه 1800 صفحة في الشهر (200x9)، أي 60 صفحة في اليوم (1800/30). ولو أخذنا بعين الاعتبار أن متوسط سرعة القراءة لدى الفرد هو صفحة واحدة في كل دقيقة ونصف فهذا يعني أن قراءة 60 صفحة في اليوم تحتاج منك إلى 90 دقيقة أي ساعة ونصف.
ولو فكرت في تخصيص ساعة ونصف يومياً للقراءة فغالباً ستقول إن هذا صعب بل مستحيل. لكن لو قسمت مرة أخرى تلك المدة إلى ثلاث جلسات، في كل جلسة نصف ساعة تقرأ 20 صفحة، فإن الأمر سيبدو لك ممكناً بل سهلاً بهذا المنوال مثلاً : جلسة صباحية قبل الإفطار (30 دقيقة)، جلسة مسائية بعد إتمام دوام العمل (30 دقيقة)، وجلسة ليلية قبل النوم (30 دقيقة).
إذا كانت ظروف الشخص لا تسمح له بإمكانية توفير ساعة ونصف يومياً للقراءة، فهناك طريقة أخرى وهي استغلال أيام العطل في زيادة نسبة القراءة. فمثلاً يمكن الالتزام بجلسة قراءة واحدة متوسطة المدة كل ليلة بمعدل 45 دقيقة، والاكثار من جلسات القراءة الطويلة خلال نهاية الأسبوع.
أما منهجيتي الشخصية في القراءة، التي كثيراً ما سألني عنها الأصدقاء على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي فهي تعتمد على ست خطوات رئيسية :
1. التحفيز والدافع الداخلي
2. التخطيط ووضوح الهدف
3. التركيز وإدارة الوقت
4. اختيار الكتب
5. طريقة القراءة
6. جلسات القراءة
وقد فصلتها في مقال مستقل كي لا أطيل في عرضها هنا. وأعترف مسبقاً أني أنجح أحياناً في الالتزام بالمنهجية وأخفق أحياناً، لكني أحاول وأجتهد وأقيِّم التجربة بصفة دورية وأقوِّم ما يحتاج إلى تقويم.. وهكذا. وإليكم تفاصيل المنهجية لمن يود الاطلاع عليها.
-
محمد أيت سدي امحمدماجستير إدارة نظم المعلومات.. رئيس تحرير مجلة التميز.. مدرب في تنمية المهارات ومرافقة المؤسسات.. معد برامج تدريبية تربوية وقيادية