ياتي هذا المقال بعد المشاركة في مساق الشفافية والمساءلة والمشاركة الذي اقامه معهد الفضاء المدني ومن خلال هذا المقال احببت ان اوضح مفهوم جميل تعلمته خلال المساق واردت ان اعبر عنه من وجه نظري

يعتبر مفهوم الاستحقاق من المفاهيم الهامة التي يجب تسليط الضوء عليها وتبيان تفاصيلها وذلك لارتباطها الوثيق بسلوكيات الناس وتصرفاتهم والتي تبنى غالبا على هذا المبدأ ، لان كل ما يصدر عن الفرد من سلوكيات تتعلق بشعوره بان له افضلية عن غيره او له حق يريد اكتسابه هو جزء من الاستحقاق الذي يراه لنفسه.

ومن المهم ونحن نتحدث عن موضوع الاستحقاق ان نبين مدى ارتباط الاستحقاق بتوجيه السلوك لدى الافراد وذلك لارتباطه بمدى التاثير الوجداني للفرد والذي يؤثر على سلوكه وتصرفاته .

ولكن قبل ان نخوض في غمار هذا الترابط بين الاستحقاق ومدى صلاح النفس وفسادها يجب ان نبين بعض المفاهيم التي سنتناولها في هذا المقال :

مفهوم الاستحقاق :

هو شعور الفرد باحقيته في شيء معين ومدى جدارته في اخذه او تملكه

وهذا المبدأ يجب ان يكون جزء من حياتنا وتكويننا الشخصي لكن بمفهومه الايجابي وهو ان نشعر باحقيتنا في الحياة وفي الجمال وفي الحصول على الافضل .

فالاستحاق الايجابي ان يكون لدى الشخص شعور عالي بنفسه وبقدراته وانه يستحق كل شيء جميل لكن لا يتعدى على الاخرين لنيل ما يراه من حقه ولا ياخذ حقوق الاخرين مقابل شعوره بانه احق منهم .

اما الاستحقاق السلبي فهو شعور الشخص بانه يستحق كل شيء جميل حتى لو كان على حساب الاخرين او ادى الى التعدي على حقوقهم وممتلكاتهم وفي هذه الحالة يكون الاستحقاق استحاق سلبي يؤدي الى الظلم والفساد وهذه الحالة يطلق عليها غطرسة الاستحقاق اي شعور الفرد بانه افضل من الاخرين وان له الحق في كل شيء دون الاخرين وهذا يرجع احيانا الى مكانة الشخص الاجتماعية او ركونه الى ماله وسلطته وغيرها من الاسباب  ، وهذا ما نسميه غطرسة الاستحقاق .

مفهوم غطرسة الاستحقاق : 

والغطرسة هي التكبر والتعالي والتفاخر ولذا نستطيع ان نقول ان غطرسة الاستحقاق هي التفاخر والتعالي على الاخرين واخذ حقوقهم بحجة الافضلية عليهم .

ولعل اول من قام بممارسة غطرسة الاستحقاق هوابليس عندما امر الله ملائكته بالسجود لادم فرفض ابليس متعللا وقتها بقوله ( انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ) فراى ابليس ان النار افضل واشرف من الطين ، فكان ثمن هذه الغطرسة هي الطرد والخروج من رحمة الله وذلك عندما قال الله لابليس ( فاخرج مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ . وَإِنَّ عَلَيْكَ لعنتي إلى يَوْمِ الدين ) فغطرسة الاستحقاق منبوذة ومذمومة لان لها امتداد عنصري يجعل من بعض البشر افضل من بعض وهذا مرفوض في شريعة الاسلام فالناس سواسية لافرق بينهم الا بالتقوى .

ويتجلى خطر غطرسة الاستحقاق بشكل كبيرعند من يتولون امور الناس وحكمهم ، فالحاكم او المسؤول الذي تسيطر عليه نزواته ورغباته ويتجه لتلبيتها والاستجابة لها يكون ضعيفا اشد الضعف امامها لكنه يظهر قويا متغطرسا امام شعبه ومن يكونوا تحت رعايته فياخذ حقوقهم ويتعدى على ممتلكاتهم ارضاء لرغباته وشهواته.

ان اي فساد في الارض يبدأ من فساد النفس وخبثها وتعديها على حقوق الغير وشعورها بانها هي الاعلى ومادونها لا يستحقون ، ومثل هذا المرض الذي ينتشر في المجتمعات يجعل من الاهمية ان يكون هناك وعي باهمية محاربة الغطرسة وفساد النفس التي تعتبر الخطوة الاولى في انتشار الفساد الكبير في المجتمعات والشعوب .

اذن نستطيع القول ان الاستحقاق قيمة ونحن من يجعل منها قيمة سلبية او ايجابية بناء على سلوكنا تجاه هذا المبدأ فالاستحقاق وغطرسة الاستحقاق بينهما شعرة بسيطة مثلها مثل الفرق بين الثقة بالنفس والغرور فالثقة بالنفس صفة ايجابية ولو زادت اصبحت غرورا وكذلك الاستحقاق صفة ايجابية ولو زادت قليلا اصبحت غطرسة .

زياد صلاح / معهد الفضاء المدني

اليمن