أشتاق إليك ، أقلّب كفيّ بيأس ( و كيف سمحتُ للغربة أن تغزونا ؟و كيف سمحتُ لفصول الفرقة أن تعانق تقويمنا ؟ ).
أحبكِ ، تملئين عليّ المكان ، كل ما حولي يسترجعك، كل ما حولي يستجدي الدمع و الندم .
قلمك المُهدى إليّ يُعانق أناملي ، و أزاهيرك البيضاء و الحمراء تستلقي على الطاولة بكسل .
خطك الجميل المُنمّق يملأ دفاتري ، و رائحتك تعبق بثيابي و التفاصيل .
أحبكِ ، أنبش داخلي لأستخرج طعم قبلة لأعاود لثمها . أفتح صدري للريح و أتذكّر انجذابك نحو ضلوعي ، فأحضن مكانك الخالي على كتفي ، و أمسك بكفي على مكان شعرك المُعتاد على صدري .
أغنية عابرة تثير حزني ، فيتصدع تماسكي و أبكي .
و ماذا أقول ، و أنا من رصف العمر أزاهيراً على مفترقات الطرق ؟ و أنا من نذر نفسه قرباناً يُذبح كلما زارتك الأنفلونزة ؟
أتذكّر ، كم كان قتلي وحشيّاً ، أتذكر ، كيف كانت الانفلونزة تُقيّدني من عِظامي و ينهال عليّ سعالك ضرباً و تجريحاً .
أتذكّرك تلجئين ليلا لصدري و الدموع تُغرقك هلعاً و خوفاً ( كان ضعفك ضعفي ، و مازال )
أحنّ إليكِ فأصكّ وجهي ، يا الله ، و ماذا تفعلين من دوني ؟ و من يسهر قربكِ الليل ليُهيل عليك الغطاء خشية البرد ؟
و من يطيل التأمّل بعينيك ليُعيد تشكيل الجنة و أزاهيرها ؟
من يطلق أصوات ضحكاتك لتتجاوز عنان السماء ؟
و من يُدفئ معصمك في مشاويرك الليليو الشتوية ؟
تخطرين ببالي ، فأهجم على صورتك ، ألثمها ، أضمّها لصدري ، أتذكّر أشيائنا الصغيرة ، أوانيك المرصوفة أمامي ، ثيابك ، فساتينك المُشتاقة إليك ، زهوري المُنتظِرة يوم حجها إليك ، أغانينا الضَجِرة ، كتابك المتمامل في مكتبتي ، كلنا مشتاق ، و كلنا ننتظر .
وحدها الساعة تتابع ما يجري بحياديّة و برود ، تكّاتها الآسفة تُساير حركات عقاربها المميتة غير المنظورة .
جرس الهاتف يقتلع صمتنا و ضجرنا ، أرفع السمّاعة و أغلقها دون أن أردّ .
مشتاق أنا ، و متلذذ بضجري و الانتظار .
-
Nafez Sammanكاتب و باحث و روائي سوري