في القانون تعلمنا بأن القاضي لا يمكن أن يحكم بأكثر مما طلب منه مع بعض الاستثناءات طبعا،في قانون الله،القانون الأعظم على الإطلاق،يمكن أن تطلب ماتشاء …كيفما تشاء…وقت ما تشاء …وقد يكون العوض أكثر مما طلبت وأعمق مما تصورت.
منذ صغري وأنا أرفع يداي نحو السماء لأطلب المستحيل، لم أكن أطلب أشياء عادية ،كنت منطقية في كل شيء إلا في علاقتي مع الله ،كان الأمر يتطلب رزنامة لامتناهية من اليقين ،وقلب موقن بالإجابة كطفل واثق أن والده سيحضر له الحلوى أثناء عودته من العمل مساء…
في طفولتي كان على والدتي أن تستيقظ صباحا باكرا لتسقي لنا الماء من منطقة بعيدة ،كانت تغلق علي أبواب الغرفة وأنا نائمة ،حين أستيقظ أجد نفسي وحيدة فاصرخ كالمجانين ، لا أزال أتذكر صوت صراخي في تلك اللحظات ومقدار خوفي في تلك اللحظات …أذكر أنني طلبت الله كثيرا …في كل يوم …أن يهبني فراشات تؤنسني في وحدتي …
حين كبرت استمر تعلقي بتلك الغرفة ،في تلك الغرفة تعرفت على نفسي ،وفيها لم أعرف نفسي …فيها تعلمت فن قراءة الكتب ،فيها نسجت أحلاما غير منطقية …فيها صنعت فارسا من وحي الخيال …كانت السجن الذي أحببته وصار ملاذي…
ثم بعدها ظهرت فراشات بيضاء ،شفافة لا لون لها ،كان عددها كثيرا وشكلها غريبا …تساءلت والدتي من أين تأتي تلك الفراشات ؟وغرفتنا لا نوافذ فيها …كانت فراشات تخصني …كانت نتيجة ليقين طفولي …
-
ابتسام تغزاويمحبة للفنون.رسامة .معلقة صوتية .وكاتبة حاصلة على جائزتين في فن القصة القصيرة