دي كابريو والرومي ومعمول العيد! - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

دي كابريو والرومي ومعمول العيد!

كتبت: هند دويكات

  نشر في 05 يوليوز 2016  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .


مؤخرا صرت أشق على نفسي عند تعلم إعداد طبق ما في أن أبحث عن أصله، بلده الأم ومبتكره وتاريخ أول "تخبيصة" منه!، وبدا لي في نهاية المطاف أنني أحن في كل ما أتعلمه إلى الأطباق العربية، ولم أدرِ تماما إن كان ذلك يعود لـ "نَفَس" الطهاة العرب المميز منذ القديم أم أن اختياراتي المطبخية غير الموضوعية تنزع إلى الاعتقاد العصبي، وربما الخاطئ، أن المذاق العربي "ابن أصل"!، ومما يرجح انتصار السبب الثاني أنني أصر على اتقان صنع معمول العيد لعلمي التام أنه متصل بميراث يخصنا وحدنا دون أن أعنى في البحث في "شهادة طهيه"، أو فيما لو كان الطاهي الأول للمعمول مثلا قد أقترح يومها أن يستبدل دُهن الإبل بالسمن أو أن يستعيض عن شَي المعمول بتجفيفه في شمس الصحاري المتوفرة!.

لا يستطيع أحد أن ينكر على الدولة الإيرانية، رغم تعوذ الكثيرين من "مشروعها"!، أنها دولة ذات حضارة عريقة حفظت وحافظت على ملامحها، وأقرت لنفسها اقتصادا وسياسة استجلبت عليها في وقت ما تحرُّك "أفعى الرأسمالية" باتجاه شلّ اقتصادها وتقويض تطورها، ولعل المستقصي عن الأعمال الدرامية والسينمائية الإيرانية أن يجد فيهما المثال اﻷقوى على ذلك، حين يدرك قدرتها على منازعة الأعمال "الهوليوودية"، والتي يحلو لنا من باب الراحة من عناء البحث والمقارنة أن نسميها "العالمية"!، ليس فقط من النواحي الفنية والتقنية لإعداد العمل وإنما تتعداه إلى مراعاة الموروث والدين ودون إخلال واضح بتشكيل العمل الفني أيضا.

موجة الغضب الإيراني على اختيار الممثل الأمريكي ليوناردو دي كابريو للقيام بدور الشاعر الفارسي جلال الدين الرومي في فيلم هوليوودي مرتقب إن لم تكن مبررة من باب التعنت العرقي أو النفور من تسلط "الأبيض" على المشهد فإنها مبررة من باب "حق الشفعة"!، فما يستطيعه المنتج الأمريكي لن يعجز عنه نظيره الإيراني في شأنه إن استقلّ، وما أنجزه دي كابريو عبر دعم الدعاية "العالمية" لن يقصر فيه مهدي باكدل أو مصطفى زماني إذا مُنحا فرصة موازية، هذا مع حفظ أن "جحا أولى بلحم ثوره"!.

وليس في هذا دفاع عن وجهة النظر الإيرانية بقدر ما هو تقدير لإمكانات الإيرانيين في هذا المجال، وعلى من لا يعتبر أن التقدير "العربي" للآخرين كاف فله أن يتخذ شهادة من التقدير "العالمي" للعمل السنيمائي الإيراني (انفصال) عام 2012 بمنحه جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي، ومن تقدير "العرب" لهذا التقدير كان ذلك الفيلم هو الفيلم الإيراني الوحيد الذي يعرض على قنوات الأفلام العربية!.

على أية حال فلن يفيد الإيرانيون من ضجتهم شيئاً أكثر من تسجيل موقف دفاعي بطولي عن "موروثهم" ولن يتبقى لهم وللجميع سوى انتظار "الصبي لييجي" ومن ثم "يصلوا ع النبي" ويقومون بتفصيل وتفصيص العمل السينمائي الهوليوودي بكل ما أوتوا من حس نقدي وغيره!!

وعود على بدء، وبما أن "الطبخ العربي" بات يستهويني عقدتُ مقارنة ذهنية سريعة بين مشهدين من فيلم الرسالة للممثلين أنتوني كوين وعبد الله غيث، اللذين قاما بدور الصحابي حمزة بن عبد المطلب في نسختي الفيلم الإنجليزية والعربية، في المشهد ذاته حين يقوم "حمزة" بضرب "أبو جهل" وتعييره أنه لا يستطيع رد الإهانة، فإنني "شطحتُ" بتمليك عبد الله غيث "عالمية" الأداء في هذا المشهد، بل الدور كله، وأسبقته على أنتوني كوين بل وعلى أي "عالمي" آخر لو كان قام بالدور بدلا عنه، ثم عدت مرة أخرى لأشكك في حكمي وأعدت أسبابي الأولى من "عدم الموضوعية" لأنه عربي "ابن أصل"!، وقلت لنفسي حتى وإن كان "غيث" يستحق اللقب فمن ذا الذي سيطالب له به باحتجاج عريض على "مقادير" الحكم؟!

ولو منح "العالمي" دي كابريو الفرصة ليقوم بدور عمر بن عبد العزيز أو أحد الخلفاء الراشدين فمن سيطالب لنا بحقوق نشر "الطبخة الفنية" أو من يملك الجرأة أن يعترض على "مذاقها" الهوليوودي أصلا؟!!

وبما أن "الفرنجي برنجي" فكأنني حينها برأي ناقد عربي "لوذعي" يقول في هذا الشأن: لو صحت لجدي انو دي كابريو يمثل دوره ما كان مات!!



  • 4

   نشر في 05 يوليوز 2016  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

Salsabil Djaou منذ 6 سنة
ما اصعب ان تجعل القارئ يبتسم اصعب،كثيرا من جعله يبكي،افكار عميقة وما وراء الكلمات اعمق،مقال رائع ،دام قلمك هند.
0
أعجبني عنوان المقال والتحليل، شكرا لطرحك القيم
1

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا