" فكرة أن تكون مهندساً لا تبنى بما سوف تحصله من نتائج بل يكون بناءها ببناء شخصيتك وتحديد مسار لطريقة تعاملك مع غيرك من الطلاب والأصدقاء والمحاضرين والادرايين وحتى عمال النظافة في الجامعة , كما سمعت ذات مرة ( المهندس ليس مهندساً بعلمه بل بقوة شخصيته في عمله ) جملة أقتنع بها ولكن عليك التركيز فيها قليلاً فعندما قالها صديقي لي أعاد التأكيد على كلمة عمله وذلك في اشارة منه لي بأنه لا تكن شخصية جافة ومتجمدة في كل الأوقات , فحفظت تلك الجملة جيداً وفهمتها بطريقة أفضل .
المشكلة الكبرى في جامعتي وأرى أنها في كثير الجامعات هي العنصرية بين الطلبة وأشرت في بداية المقال المتواضع عن فكرة الجمود في الشخصية التي يجدها الزملاء في نفس الجامعة والقسم والتخصص طريقة للتعامل بعنصرية مع من لا يقطن في نفس منطقته  تعاملهم مع بعضهم سيء ومنافق جداً الا من رحم ربي .
فكرة العنصرية سيئة جداً وتجعلني أحزن كثيراً بمجرد تفكير بها فما بالك بتجربتها مع أشخاص يدعون أنهم فوق المثالية واذا لم تجرب هذا الشيء , جرب يا صديقي أن تصبح صديقاً لفئات مختلفة وستجد كلماتي في نصابها سأروي لك موقفاً أتمنى ألا أعيد تجربته .
كان من أكثر الايام نشاط وسعادة بالنسبة لي في أيام دوامي في تلك الجامعة التي أنتمي اليها كل الإنتماء ولعل مشكلتي هي أن انتمائي ووفائي للأماكن التي تسعدني وتحزنني انتماء ووفاء خالص , بعد أن انتهى الدوام في ذلك اليوم الدراسي كان لي موعد في مكان بعيد عن منطقتي التي أسكن فيها , خرجت من بوابة الجامعة واذا بالسائقين يتهافتون نحوي تشعر حينها بأنك أشهر من جوني ديب الممثل الهوليودي واخترت احد السائقين وجلست في الكرسي الامامي بجانب السائق وفي الكرسي الخلفي زميلتان لي ولكن من منطقة لا اسكن بها وشاب لا اعرفه لكنه يبدو غريباً عن منطقتي والسائق غريب عن منطقتي أيضاً والمفاجأة أنهم جميعاً من نفس المنطقة التي أنا ذاهب إليها وذلك يعني أني الغريب بينهم لكن أنا لم اكن افكر هكذا فلا غرباء في وطني سوى الاحتلال وجميع من هم من جنسيتي اخوة لي سألني السائق أين تذهب ؟ قلت له مكان ما ولكن أوصلني اليه بالتحديد لاني للمرة الأولى أزوره ولا اعرفه , فسألني للمرة الثانية من أين انت ؟ قلت من المنطقة كذا فبدأ الحديث عن اهل منطقتي ومدى سوء تصرفاتهم وكيفية تعاملهم وصار يحكي عن اهل منطقته انهم الافضل وانهم ارقى وحكى لي عن أيام دراسته في الجامعة وكيف كان يتعامل مع الطلاب من اهل منطقتي وكيف كان يستحقرهم لأنهم اقل من مستواه ويضحك ويظن انه يخلق جواً من الضحك ومن في الكرسي الخلفي سمعت ضحكاتهم ومدى فرحتهم وانا كعادتي ارسم  ابتسامة صغيرة واصمت فقط لاجعله يرى مدى خطأه وأنتظر سؤاله المتوقع والذي فعلاً سأله ( شو رأيك بالموضوع انتا ؟ ) وكانت اجابتي أن وضعت يدي في جيبي وأخرجت أجرته ( وقلت هذه أجرتك للمكان الذي ستنزلني أنا ومن معي في السيارة فيه وزميلتاي اللتان في الخلف ستدفع كل واحدة منهم نفس الأجرة وهم من نفس منطقتك وهذا وان دل يدل على تساوي الأجرة فيما بيننا ولو فرضنا على نظريتك بأن اهل منطقتك ارقى من اهل منطقتي سيدفعون اكثر مني فما رأيك انت بالفكرة ؟ )
لم أسمع سوى الصمت فأنا ارفض العنصرية بين ابناء البلد الواحدة وارفض التفريق بين الاخوة في نفس الوطن والدين والفكرة وارفض كل مظاهر التفاخر بمنطقة على منطقة اخرى ويكون الرد اقسى مما تتوقع , نعم نختلف في عاداتنا وتقاليدنا لكن لا نختلف في مبدأ الانسانية , وبالذات ارفض العنصرية المنتشرة بين الطلبة في الجامعات من ناحية المناطق وما .