كلنا نعرف بحسب مستوياتنا العلمية و الاجتماعية أن الادارة الصحية في المستشفيات أيا كان نوعها عام أو خاص ليست تخلو من المشاكل المسكوت عنها ، و هذا السكوت ربما يعود لعدم رغبة من المسيرين في حلها أو ارادة قوية في أن تبقى المشاكل معلقة و بغير حلول ، حتى لا يعرف صاحب الحق حقه أو ربما حتى لا يبدو عيب القانون واضحا لمن يريد تطبيقه بفراغاته .
دائما ما أقول و لا زلت أقول أن أصعب الميادين في التسيير هو قطاع الصحة لحساسيته و لافتعال بعض المشاكل فيه حتى تبدو لا المساوئ من المحاسن و الأكثر دهشة حتى يظل المريض يتنقل فيما بين موعد و فحص و علاج و لما لا استشفاء.
ابقوا معي قليلا مركزين و لن أطيل عليكم لأن مقال اليوم مجرد مقدمة لما سيليه من دراسة ميدانية ثم مزاجي قد لا يرتب الكلمات متسلسلة لما أراه يوميا من اخفاقات و نجاحات ، و لك أن تتخيل أيها القارئ حينما يمتزج نجاح جراح بارع في أسوأ ظروف عمل مع فشل مسير في أن يحقق مستوى معينا من ظروف العمل الجيدة ؟؟.
و أحيانا أمثل دور المريض المقبل من مكان بعيد و قد قطع مسافة طويلة حتى يفحصه طبيب أو ربما ليقرر له موعد العملية الجراحية أو حضور امرأة حامل مقبلة على الولادة و تبقى في قاعة الانتظار ساعات طويلة من غير أن ترقى لمستوى عال من التقدير و الاستقبال ، أرى في بشر اليوم و المهنيين خاصة أنهم تجردوا تقريبا من كل صفات أخلاق المهنة التي يمارسونها فبالكاد ترى أحدهم يرسم ابتسامة صادقة و نابعة من قلبه لأنه مثقل بعدد كبير من المرضى كأرقام في عقله و الذين يجب أن يفحصهم و المثال يقاس على المنظفة التي تغدو ذهابا و ايابا لتنظيف الرواق أو أرضية المصلحة كاملة و الغير مار أو مقبل و لا أحد يعبث بتعبها...ترى لما كل هذه اللامبالاة ، هل لأن المنظفة لا تستحق الاحترام بسبب مهنتها البسيطة جدا ؟.
ثم لماذا يقدر أناس من هنا و هناك أصحاب النفوذ و العقيدة المسلم بها هي عقيدة أخلاق حيث ذهبنا و أينما حللنا ، بالإضافة الى ظاهرة اخفاء الوثائق الادارية و المستندات البحثية أو الدراسية من فوق المكاتب و عدم اظهارها لمن يريد الاستفادة منها على نحو مشروع من الاطلاع ، اذا اخفاء و عدم ثقة في الطرف الآخر و تلاعب بمصير الضعفاء و الفقراء لأنه ليس لديهم قوة يحتكمون اليها أو لأن لغتهم لا تكفي لرد الاعتبار لهم ، يا سلام على احتقار زمن عابر هو في حقيقته ذرات رماد في أعين أناس لا يحملون عنوان الأخلاق لافتة واضحة المعالم و المعاني ، ليس لأن جيل اليوم يختلف عن جيل الأمس و ان كانت لدي نظرة مخالفة تماما حينما أستمع لجمع من النخبة يقولون لي جيل اليوم لا يمكن التحكم فيه و لا يمكن توجيه سلوكاته ، فأغرق في التفكير و أرد بثقة كبيرة من أن جيل اليوم هو الذي نعول عليه لأنه ذكي جدا و كسول قليلا و يتفاعل بحسب الظروف و الأشخاص المحفزين له و بحسب المعطيات الموجودة أمامه.
قلت هي مقدمة و لكم أن تتخيلوا تسيير الادارة الصحية مع جيل يرتدي مآزر بيضاء منهم الجراح و الصيدلي و جراح الأسنان و المخبر...
لي قناعة واحدة أني متفائلة بجيل اليوم ان ما أحسنا احتوائه بتصحيح سلوكاته المتهورة و الخاطئة بكثير من الذكاء و الصبر بعيدا عن كل تجريح ، لأنهم حساسون جدا و بإمكانهم التعبير عن رفضهم لمن يجرحهم بطرق قد تؤدي الى الخسارة و انهيار البنى الفوقية لأي حضارة بلد.
تبقى الادارة الصحية هرم التوجيه لطاقات ينظر اليها من زاوية الجيل المعول عليه فقط فلنحذر في التعامل معه و لنعرف كيف نكون فيه شخصية قوية تعرف كيف تمزح و متى و تعرف كيف تكون جادة و متى و كيف..
رسالتي الى جيل اليوم : اخضعوا لنداء الأخلاق و التزموا قوانين الادارة الصحية و تفاعلوا بشكل صادق مع المرضى تكمل رسالتكم النبيلة في قمة الأزمة الاقتصادية التي ضربت
بعض الدول العربية و انهكت قواها في أن تحتوي نقصا فادحا في الموارد ، و لكن تبقى الادارة الصحية من أصعب ميادين الممارسة المهنية لأنها ليست خالية من الرداءة في الموارد البشرية و مناهج الادارة المستعملة حاليا و التي هي اليوم بحاجة لإعادة نظر و تعديل القوانين لتتماشى مع مستلزمات التطور و استغلال الطاقات البشرية أحسن استغلال
و للأطباء و الممرضين جانبهم من المعاناة يلزم الأمر افراد مقال عن كل فرع لنبل المهنة التي أقسموا بآدائها بطهر و رفعة أخلاق..أحترم كل من يعمل في الصحة أيا كانت رتبته و أيا كان مستواه ، فالصحة هي الصح في حياتنا و علينا ترقيتها و لو بنظرة تفاؤل...
-
.سميرة بيطاممهتمة بالقضايا الاجتماعية
التعليقات
شكرا لتسليطك الضوء على هذه القضية التي لا تنتهي ؛ لعل وعسى يعي الناس ويتثقفو فيها ، فنتحدث عنه ولو بشيء يسير خيرا من ان نسكت ونظل مكتفين بالمشاهدة ؟!! ...
دمتي بسعادة دكتورة سميرة `