للذكريات صور وأيام جميلة قيمتها في تعتيقها، كلما غربت الشمس زاد الحنين لتلك اللحظات، خصوصا عندما يُلْقى على مسامعنا "زمن الطيبين"، كأننا نود أن ننقل تلك الصور المرسومة في أذهاننا إلى حاضرنا لتصبح واقعا حيّا.
قد تتولد لدينا الرغبة في سماع ما يُبث عبر الأثير أو مشاهدة ما يُنْشر في اليوتيوب، أحيانا نقوم بمتابعة حسابات متخصصة على الإنستغرام أو تويتر وغيرها كي تحرك فينا مشاعر الشوق للماضي، في حين يلجأ البعض إلى قراءة كتب التاريخ المدعمة بالصور مثل كتاب من هنا بدأت الكويت لعبدالله الحاتم، تاريخ الكويت الحديث لأحمد أبوحاكمة، هناك أيضا كتب أخرى مشهورة ممن وَثّق تاريخ ديرتنا أمثال عبدالعزيز الرشيد وكتابه تاريخ الكويت، يوسف القناعي وكتابه صفحات من تاريخ الكويت، بينما تجد آخرون يقرأون كتب الأمثال الشعبية ويتصفحون معجم الألفاظ الكويتية وأكتفي بذكر هذا الجهد الكبير والمجلد الضخم الذي بذله أحمد بشر الرومي في كتابه الأمثال الكويتية المقارنة حيث كان يلتقط الأمثال من أفواه أهل الكويت ويجمعها في قصاصات ورقية حتى تبلور كتابه، أما الألغاز والغطاوي الكويتية تجد بطلها المتخصص في الأدب الشعبي العربي د.محمد رجب النجار في كتاب مختارات من الغطاوي الكويتية ومعجم الألغاز الشعبية في الكويت، ناهيك عن المسلسلات والأوبيريتات القديمة والأغاني الكويتية والأهازيج الشعبية التي نطرب لسماعها ونستمتع بمشاهدتها على الرغم من بساطة عرضها فهي تربطنا بعبق الماضي ولا عزاء للڤيديو كليب، بالمناسبة حتى المأكولات الشعبية والمباني التراثية، ولا ننسى أيضا أجدادنا والشخصيات الراحلة فالمشاعر لا تجف تجاههم، ألا يُهَيِّج هذا كله أشجان كان القلب ناسيها من ذكريات الماضي السعيد (ما سبق من أمثلة ليست على سبيل الحصر) .
كيف لنا أن ننسى وأحداث الحاضر المرير تذكرنا بما مضى، بل حتى هذه اللحظة نتغنى بإنجازات الماضي ومنتخبنا الذهبي على الرغم من تردي الأنشطة الرياضية.
الحديث ذو شجون .. منّا من أدرك زمن الطيبين فهو يعتز بشرف الإنتساب إليه، وغيرهم ممن يترحم على حالنا اليوم، هناك صنْف آخر يتقطع قلبه على ما فات، إذا سألت أحدهم ماذا تتمنى ؟ سيكون جوابه مصحوبا بدمع العين: أن ترجع به الأيام ولا ترحل، كل هذا بسبب انفراد ذلك الزمن بالطيبة والأخلاق الحسنة والمبادئ والقيم الإنسانية والبساطة، زمان رحل مع التراب لكن آثاره باقية في قلوب الطيبين المشتاقين.
لا أريد الإطالة لكن هل سنتوقع تكرار سيناريو الطيبين في المستقبل ويظهر لنا تاريخ جديد !! ... أم هو ثابت تاريخيا ويُقْصَد به جيل الثمانينات وما قبله حيث يبقى علامة شاهدة على ذلك العصر ؟؟.
-
FAISAL ALMULLAمهتم في الاقتصاد ومحب للتفكير الناقد والإدارة