الديكتاتور في بلاد الغزلان
:::زياد فراشة:::
نشر في 18 فبراير 2015 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
كنت جالسا في مقهى "مريم"، أحتسي كأس الفرح مع ومضة أمل، وفجأة دلف جون دو لا فونتان إلى المقهى، لم يعرفه أحد من الحاضرين، أما أنا فقد عرفته من الوهلة الآولى، والسبب أننا من الغابة نفسها، غابة السدج الصادقين.
كان غائما من شدة الهم، أعرف ذلك، لعله الحب أو السياسة، فهما مصدر الألم البشري. أقبلت نحوه نُهاد بكعكة البارحة، لم تكن تعرف أنه هو، قال لها هاربا من غُراب الكآبة.
"بلادك كهاته الكعكة لكني لا أحب الكعك، بل أفضل من يحمل الكعك يا آنسة".
أخرجت نُهاد بندقية السخرية، نظرت إليه بعين صومالية، تنهدت وقالت:
"هذي الكعكة لم أحضرها لك أيها الفاهم الآبله، أتيت فقط لأحمل حقيبتي، وعلى فكرة، ولدرأ التطفل الذي يعكر راحتك، وينتن رائحتك، نحن هنا لا نحتاج للكعك يا رجلا دكته الكآبة ودعكته الوحدة، وهرب من جبنه إلى التحرش.
هذه الكعكة التي ترى صنعت خصيصا لك، منذ البارحة، وقد تحالف الفرن والنسيان على احراقها حرقا لكي تليق بوجهك الاقطاعي أيها الآرعن".
رمت نُهاد الكعكة على وجهه ببسالة، حملت أغراضها بعجالة، حينها فهم أنه جلس متطفل في مكان ليس له، إذ ذاك قام السيد دو لا فونتان من مكانه، لم يمسح بقايا الكعكة من على وجهه، نظر إلى الحاضرين، بحث عن نُهاد بعينيه كالصقر، وما إن أبصرها حتى رشقها بكلماته الكلاشينكوفية.
"أنت إذن مثل هذه الكعكة المحترقة يا آنسه، وفتاتك من نصيب الذباب".
لم تكن نُهاد قد وصلت إلى باب المقهى، توقفت بعدما سمعت كلماته السامة، فتحت حقيبتها على مضض، أخرجت عطرا ورشته في اتجاهه ثم أتبعت الرذاذ بهذه اللكمات اللفظية.
"أنا غزالة وبلادي غزالة فمن أين قدمت يا حثالة؟"
تبسم السيد دو لا فونتان وقال لها وللحاضرين،
"إذا كانت بلدتك غزالة يا غزالة فإن أسد ملك البلاد يحب الغزلان ويحتطب الغابة..."
-
Zaya Mayaزياد محمد فركال @FerGal@