طوفان .com - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

طوفان .com

قصة قصيرة : أحمد الخالد

  نشر في 15 أكتوبر 2016 .

طوفان.com

...............

1 – الكاتبة

سألها المربع الفارغ على جدار الفيسبوك :

فيم تفكر ؟

كتبت :

تدوينة

أصابع يدي ترتل فقه الجسد،

و تحفظ آياته عن ظهر وطن مباح ،

لتركع استسقاء.

---------------

ضغطت زر " انشر " .. و ظلت تحملق صامتة في بحر الشاشة الزرقاء.

1 ـ الكاتب

------------

كحاضنة تستقبل مولودا جديدا ؛ تلفه بين يديها بحنان ؛ تخشى عليه تيار الهواء ؛ تتعرف حضوره لمسا و شما ؛ تدرك أن لكل بصمته و رائحته المميزة ؛ توقن أنه لا صرخة حضور لمولود تشبه أخرى ... تلقى تدوينة الكاتبة ؛ عادة ؛ يتلقى النصوص .. شما و لمسا و سمعا و تذوقا .. شعر رجفة تنحت أوصاله في جوف الليل ما أن قرأ التدوينة !

تمتم مندهشا :

- يا الله .. " أصابع يدي ترتل فقه الجسد "

" ترتل " !!

لا تقرأ فحسب بل تشدو و تتغنى و تجود و تعيد و تتنغم

سمع " أصابع " يدها عازفة تحضن الهارب الفرعوني تقف بشموخ أسفل فوهة البركان تعزف بتبتل و النار بردا و سلاما

" فقه الجسد " نوتات الموسيقى و كون العزف في آن معا

- يا الله أي زلزال يهز الفضاء الشاسع في المعنى وأي طوفان يهدر في الجملة!!

قال لنفسه مشدوها و أكمل :

- حق عليك الرجف أمام طوفان الجملة

همست روح الظن فيه :

- يا ولد !!

أمام طوفان الجملة أم أمام تخيل مشهد امرأة في جوف الليل تمنح نفسها فيضا مهدئا مطفئا لهب مقيم فتعزف أصابعها فوهة البركان ؟!

- صه صه ماذا تعرفين أنت في فقه اللغة ؟!

تهكمتْ :

- يا لسذاجة ابن آدم! يتوسل دائما أردية فضفاضة تداري سوءات فكره.

فقه اللغة !! بالله عليك ألم يكن رجفك لفقه الجسد ؟ ألم تشعر بأصابعها تعزف على أوتارك أنت ؟!

- لا ..

رد الكاتب بكل ثقة :

- لا .. بل زلزلتني الياء المضافة لكلمة يد ... هذه الياء القاصمة لأبعد حد!!

هذه الياء زلزال لا يتهجى منها الجسد ؛

زلزال يهز يفكك يفتت جبلا من ألم ؛

سكاكين الوحدة فيها تفتت سد ..

يا أنتِ الظانة المتجبرة... لم لا نقول ان وحدتها نتيجة لظلم تحمل روحها تبعاته فتعيش اكتئابا .. حتى الاكتئاب متنفس للروح ؛ أما الجسد فلا يجد متنفسا ؛ سوى المزيد من الاجهاد و الاعياء ؛ و الجهد المفرط ؛ مزيد من الألم ليتخفف من ألم أكثر ضغطا ..

الياء هنا عصا موسى في بحر الفعل المضارع " ترتل " نحت في صخر .... دون مباركة الرب !

أترين موسى منصورا و عصاه تنحت في صخر دون مباركة الرب ؟!

3 – روح الظن

-----------

تركت روح الظن الكاتب هائما في لغة التدوينة ، تضحك من سذاجته ، و ظلت صامتة تتابع فيض التعليقات على الكاتبة ؛ و كأنها أرادت أن توقظه من وهم أو تكشفه أمام نفسه .. فكل يرى ـ حتى روح الظن ـ أن ما يراه عين الحقيقة أما الاخرون فيرون سراب....

صمتت للحظة ... ثم سرعان ما رسمت في فراغ غرفته خطوطا للوحة :

امرأة تئن تحت ثقل أغصان جفت ؛ جسدها المنحني يكاد لا يبين تحت كومة الأغصان ؛ تجر قدميها الحافيتين جرا فوق أشواك ناتئة بين الحصى ..

أشارت إليه دون أن تنطق ليتأمل اللوحة.

قال لنفسه :

- لعلها تحاول أن تقارن بين المرأتين .. هل هي تقارن فعلا ؟! هل تود القول أين الكاتبة من هذه الكادحة الساعية على قوت أبنائها ؟! أم تريد القول أن الحياة الحقيقية امرأة تئن من المسئولية لا امرأة تئن من ضغط رغبات جسدها ؟!

همهم :

- مهما كانت تقصد من لوحتها؛ لا وجه للمقارنة بينهما بل على العكس تماما فهما مكملتان أو بمعنى أدق فاللوحة تعبر بصورة أخرى عن معاناة المرأة ؛ كلاهما معاناة ؛ فمن ذا الذي يؤكد أن اللوحة لا تشير بشكل خفي أن الأغصان الجافة على ظهرها هي حياتها ؛ و أن الحصى و الشوك التي تمشي فوقها حافية هي ذاتها ؟!

أهمل اللوحة والاشارة ؛ و أكمل كأنه يحادث نفسه :

- الكاتبة في التدوينة تعيد خلق عالمها ؛ فتجبر الأحياء الموتى قهرا من خلاياها على الحياة ؛ و هذا حقها .. و لا مبرر لأن تظل متقبلة حياة الأموات أمام طوفان الالم الذي تعيشه مهما كانت تفاصيله .. بكل تأكيد هي مجبرة عليه فلا أحد يختار حياة الشقاء لنفسه بنفسه!

ضحكت روح الظن بسخرية :

- بل هي تنادي ؛ و تعلن " ناي أنا فهل من عازف ؟! "

ما عليك إلا إن تتابع عداد " اللايك" و التعليقات لتعرف كم من عازف على استعداد لثقوب الناي

صرخ :

- يا لكِ من روح ظن شيطانية !!

أسمحي لي أن أعبر عن جمال جملة غوايتك التي تزينين بها ظنك

" ناي أنا .. فهل من عازف ؟! " لكن دون قناعة بها ..

هل يُحسن الشيطان البلاغة ؟!

قال لنفسه كأنه لم يسمعها ..

- روح الظن تشط فعلا في ظنها و لا دلالة لها على ذلك .. أي جرم ترتكب و هي ترى كم الألم الذي تعانيه الكاتبة و هي تصور هذه الحالة .. هي صاغتها ككاتبة شعرت أو سمعت أو قرأت أو تخيلت موقف .. فلا مبرر لامرأة أن تكتب صرخة كهذه .. فإن كانت تقصد من ورائها ما تزينه الروح الظانة ؛ ما عليها إلا أن ترفع سماعة الهاتف و ستجد عشرات الرجال يمكنهم العزف على ثقوب الناي .. عزفا متمكنا محترفا . ما حاجتها لكتابة لن تثمر إلا عن بعض قراءات و قد لا يصل المعنى لنصفها ؟!

و كأن روح الظن تقرأ ما في نفسه سخرت :

- ما أجهلك !!

أراك غصت تماما في سطر واحد من من التدوينة كما أسمتها الكاتبة و لم تفكر حتى في قراءة السطرين الباقيين .. تأمل و حلل يا صاحب التحليل اللغوي ما قولك في التكملة :

" و تحفظ آياته عن ظهر وطن مباح ،

لتركع استسقاء. "

أي آيات .. و ماذا تقصد بالركوع للاستسقاء ؟!

يا الله .. أزعم تدقيقي في اللغة وأن تعاملي مع النصوص أقرب إلى الحرفية منه الى التذوق و مع ذلك تجد روح الظن مدخلا لي ؛ فما بال المتلقيين الآخرين ؛ و ما بال الجالسين طوال الوقت لمتابعة الكاتبات على وجه الخصوص ؛ الداخلين للنصوص من باب العري ؛ بل المؤولين لها كل حسب ما في نفس ابن يعقوب من حاجة ؟

هؤلاء المتربصون بالحرف و المتربصات ؟!

ها هي تسمي خلاياها آيات ترتلها لتحفظها عن ظهر وطن .. و ما دخل الوطن ؟!

لا ضير ؛ يمكن تأويل الوطن للسكن و الباطن و القلب كما في العبارة المشهورة .. فلماذا مباح و لمن ؟

كأن روح الظن حققت نصرا بسؤال الكاتب فرفعت علامته قائلة :

- هنا الإشارة يا صاحب التحليل .. مباح لمن أراد ؟

رد الكاتب بسخرية مضادة :

- صه صه .. " مباح " هنا أشد قسوة من ياء يدي فجسدها وطن استباحه القهر و الظلم ... ما مبررها و هي كأنثى يكفيها الوقوف لدقائق في شرفتها إن أرادت لتحظى بألف ملبي لحاجتها ؟،

ردت روح الظن بسرعة كأنها تتوقع السؤال :

- المبرر أن المجتمع المؤمن المحافظ لن يسمح لها ؛ فكما اختارت واحدا من ألف يمكنه تحقيق رغبتها سيقف باقي الألف على بابها بالمرصاد ؛ و قد تُرجم ؛ أو على أقل تقدير تسجن

رد الكاتب كمن نال اعترافا :

- هي ضغوط إذا و آلام تحياها و لا تستطيع منها تخفف و لا بها صراخ ؛ فتعبر عنها أدبا جميلا و تكتفي على نفسها بالكتابة !!

4- السيل

- ما حاجتك لتلاوة أصابع ولدي ما يحسن التجويد ؟!

- هذا عري معلن ؛ لا أدب !

- ما هذا الكفر ؟!

- واااااااو

- من أفضل ما قرأت .. سلم البنان

- ....Quelle honte

- وهل اغتسلتِ من الجنابة قبل الكتابة ؟!

- قصة قصيرة جدا تحتاج التأمل .. عمق في المفردات و الصور .. فقط لي سؤال كلمة تدوينة هل هو عنوان ـ كما يبدو ـ أم اشارة للومضة كجنس أدبي ؟!

سعدت بالقراءة .. وفقك الله

- أسأت لكل امرأة ... لعنة الله على أمثالك

- oh shiiiiit

- Créativité très bien fait Félicitations

- .... أمك يا بنت الـ ...... أولاد الـ .... يسمون الفُجر ابداعا !

- عين الكفر ما قرأت هنا

أولا الترتيل خص بالقرآن و أنت قلت أصابعها ترتل جسدها .. أليس هذا كفرا ؟ إي إبداع في هذا ؟!

و قلت تحفظ آياته عن ظهر وطن ؟ ما الجمال في تسمية أجزاء الجسد بالآيات التي خصت وصفا للكتاب ؟ و أي ركوع و لمن في صلاة استسقاء الجسد ؟!

أهمل الكاتب متابعة التعليقات على تباينها ؛ و جلس يفكر صامتا :

أراها الآن قد فرغت من الكتابة و ضغطت نشر و جلست تقضم أصابعها قلقا ؛ تنظر صندوق واردها و تتعمد ألا ترد .. رسالة من أحدهم .. لن ترد .. رسالتان .. ثلاث ..عشر .. ثلاثون رسالة في بضع دقائق .

تسأل نفسها أي جرم ارتكبت أولاد الـ ... بدلا من كتابة الرسائل ألا يتناول أحدكم الومضة بالقراءة و التحليل ؟!

ما كل هذه التعليقات ؟ أي سخف هذا ؟!

هل صرت ذبيحة أريق دمها كبكارة في بيت من بيوت العرب ؟!

وتفتح الرسائل ...

أغلبها كلمات عارية لفحول عارضين لأنفسهم في مزاد من يلعب دور الأصابع في النص ؟

و واحدة من احدى النساء بلقب كاتبة تقول فيها :

- مهما فعلت فلن تفوزي به ... لا تلهبه إلا نصوصي! ابتعدي عنه و إلا !

رسالة واحدة كتبت على استحياء :

- كيف أصفق لك و لجرأتك و لتحملك مالا طاقة لأحد عليه حتى تعبري عن مشاعر تشاركك فيها الكثيرات ؟!

5- الرهان

فور قراءتها أخر رسالة ؛ و محوها بالطبع لعشرات الرسائل الصوتية التي تحمل خوار اللاهثين و مئات من صور الاستعراض المسيلة للقنوط ؛ أغلقت الحاسوب مغتاظة ؛ منتبهة أنه تركها و ذهب للحجرة الأخرى ؛ جلست جواره ؛ رمت رأسها في صدره ؛ تحتمي به من اليأس الذي تملكها .. قائلة :

- روحي .. ها قد انتهى الوقت المحدد!

عندك كل الحق أعلن خسارتي ....

أنت على صواب ؛ مازلنا بشكل عام ـ كما قلت ـ في طور المراهقة ؛ وإن تعددت الأسباب و النتائج ؛ شابت فينا الرؤوس و مازال المثقف الواعي في اللعبة لا يتعدى دور الجواد الخاسر!

داعبت خصلات شعره

- هل سترضى لزوجتك حبيبتك بالخسارة ؟!

ابتعدت فجأة عن صدره ؛ مندهشة :

- ما هذا .. أأغلقت صفحتك ؛ و تركتني أتابع سيل التعليقات و الرسائل وحدي ؟!

مسح على شعرها ؛ مطمئنا :

- لم أشأ أن أتأثر بسيل التعليقات و الرسائل ...... كتبتها قصة

بعنوان " طوفان.com " و سأنشرها غدا !!

-------------------------- 


  • 1

   نشر في 15 أكتوبر 2016 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا