مالم يخبرونا به ونحن على أعتاب العشرين
نشر في 06 فبراير 2018 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
اخبرونا أن عمر العشرين عمر الزهور أو كما يقولون l’âge idéal عمر فيه تكتمل قوتنا الجسمية و النفسية ويكتمل نضجنا العقلي فيه تتضح رؤيتنا للحياة ونصبح قادرين على اتخاذ القرارات المهمة والمصيرية, فيه نتحمل مسؤولية مستقبلنا و تصبح أخطائنا محسوبة ولا نسمح بتكرار الأخطاء التي كنا ننظر إليها من قبل بإزدراء أخبرونا أن سن العشرين مرحلة نخرج خلالها من ضياع وشتات فترة المراهقة إلى مرحلة المسؤولية والوعي الجاد ، أخبرونا أن هذا السن أو هذه المرحلة العمرية كفصل الربيع في السنة؛ فيها تزهر عطاءاتنا وتثمر أشجار طموحاتنا فيها تنفجر ينابيع السعادة أمامنا وتضمنا الحياة بكلتا يديها فيها نرى الحياة والكون كبساط سحري بسط لنا لنشق فيه طريقنا بكل عزم وقوة ...
لكن ..! لم يخبرونا أننا ونحن على أعتاب عقدنا الثاني ستتغير نظرتنا للحياة لم يخبرونا أننا في هذه المرحلة من عمرنا بعد أن طوينا عقدنا الأول بكل ما فيه من عبث وطيش ولامبالاة سنواجه مرحلة جديدة حاسمة ، تضعنا أمام تساؤلات محيرة تغير فكرتنا عن الحياة بعد أن كنا نراها بسيطة هادئة ، لتصبح ونحن في العشرين كمعركة نخوض فيها حروبا شتى ؛ مع ذواتنا والعالم مع الحياة والعقبات مع الفشل والنجاح ، لم يخبرونا أن العشرين ستستقبلنا بوابل من الأسئلة تدخلنا في متاهة وحيرة من قبيل: من أنا.. لماذا أنا هنا.. ما غايتي ..ما هدفي من الحياة.. لما أطمح.. ماذا أريد.. لتجد نفسك وسط دوامة من التساؤلات تغير أفكارك تصوراتك و تحدد شخصيتك ، وفي خضم بحثك الدائم عن أجوبة لتساؤلاتك ستواجه مجموعة من التحديات التي تغير نظرتك العابرة للحياة لتعيد النظر إليها بتأمل وتمعن تجعلك تساؤلاتك المتكرر والمرهقة تكتشف ذاتك بشكل أعمق تنقب في أفكارك وخلفياتك السابقة تحللها وتناقشها تحتفظ منها بما تراه صحيحا وترمي الخاطئ ، لم يخبرونا ونحن على مشارف العشرين أن معايير تقبلنا للأشياء ستتغير وتختلف ، فحتى الأفكار والمواقف التي كنا نعتبرها من قبل من المسلمات سيصبح من الضروري استنطاقها وتحليلها ومعرفة كل جوانبها حتى نتبناها عن قناعة ، لم يخبرونا أن فترة العشرين متعبة لم يخبرونا أنها ستدخلنا في صراع داخلي وخارجي لم يخبرونا أن العشرين تنتظرنا بمخاض لنولد من جديد ، ونحن في كامل وعيينا بأنفسنا ومن حولنا مخاض يجعلنا نخرج للدنيا بوعي تام ونضج كبير يمكننا من مواجهة تحديات الحياة وصعوباتها ويجعلنا قادرين على تحمل أعبائها كما يحتم علينا رسم خريطة محكمة المعالم وواضحة الأهداف للسير عليها في دروب الحياة بخطى ثابتة وواثقة على تجاوز كل العقبات وترك بصمة خالدة ومميزة في سجلها ، لم يخبرونا أن فترة العشرين سوف لن تنتظرنا إذ ما تأخرنا في اكتشاف سرها والعمل على تحديد مصيرنا فيها ورسم أهدافنا واستثمار قدراتنا لم يخبرونا أنها سريعة جدا وأن عداد أرقامها لا يتوقف فما إن تضع أولى خطواتك فيها حتى تجد نفسك في الثلاثين لم يخبرونا أنها مرحلة فريدة لن تتكرر بكل ما فيها ، بشغفها وتعبها بمرها وحلوها لم يخبرونا أنها من أكثر المراحل التي سنندم عليها إن لم نستثمرها بجد
عن العشرين ...
مرحلة العشرين مرحلة البذل والعطاء مرحلة زراعة البذور ورعايتها لجنيها فيما بعد ، لا يهم الأخد في هذه الفترة بقدر ما يهم العطاء السخي ، فهي مرحلة بذل بالأساس بذل الجهد بل أقصى مايمكن بذله فعلى قدر عطائك فيها سيكون أخدك ، لن تذهب ساعات السهر والتعب والبحث والتجارب والحرمان والإيثار هباء فعلى قدر دفعك لضريبة النجاح فيها سيكون جزائك .
-
مريم عزيلأن الكتابة ملجأ من لا ملجأ له وموطن من لا موطن له وعالمنا الذي نهرب اليه ...
التعليقات
موفقة في كتابات أخرى .
مقال جميل و واقعي , بالتوفيق في حياتك و كتاباتك القادمة .