عندما دخلت الجّامعة طالبا، حاولت بشتّى الطّرق أن أوجّه زملائي الطّلاب ليتكلّموا بلغةعربيّة سليمة، ولا أقصد أن يتقيّدوا بالنّحو وقواعده، بل ألّا يخلطوا مفردات غير عربيّة في محاوراتهم الدّارجة.
فكنت كلّما نطق أحدهم واستخدم مفردة أجنبيّة في جملته، نبّهته. ثمّ رأيت أن أكتب لهمالمفردات الّتي تتكرّر في المحاورات أكثر من غيرها، فأطبعها على ورقة A4 فأستنسخ منها لكلّ زميل ورقة ليحفظوها.
لم تستوعب الورقة أكثر من 108 كلمات، لكنّها كانت مؤثّرة ومجدية.
بعد أيّام تبرّع أحد الأصدقاء واستنسخ منها 1500 ورقة. أدري أنّها كلّفته الكثير، لكنّالمثقّف إذا ما أراد أن يتحلّى بالصّدق والإخلاص لتثقيف شعبه، ضحّى ببعض ماله، وكذلكببعض من وقته.وأخذنا نوزّع القاموسالصّغير ذا الصّفحة الواحدة على كلّ ناطق بالضّاد ساربا كان أم طارقا.
فإذا ما استقللت سيّارة أجرة، ناولته السّائق والرّكاب؛ إن جلسنا في الحديقة العامّة،أرسلتُ شروق لتوصله إلى الأسر الّتي تجلس بجانبنا وكانت آنئذ طفلة صغيرة؛ بعدالشّراء من المحلّات، أرفق القاموس مع المبلغ الّذي أدفعه.
وانتشر القاموس، حيث كنت أجده ملصقا على جدران حجر الأصدقاء والأقرباء، أو علىزجاج المحلّات.
وبعضهم احتفظ به في جيبه يخرجه بين حين وآخر يقرأه ويكرّر مفرداته، وكأنّه يذاكرلامتحان.
20-4-2018
سعيد مقدّم أبو شروق
الأهواز
-
سعيد مقدم أبو شروقسعيد مقدم أبو شروق مدرس فرع رياضيات أسكن في الأهواز أحب القراءة والكتابة، نشر لي كتاب قصص قصيرة جدا.