تعوّد - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

تعوّد

  نشر في 30 شتنبر 2023 .

بسم الله الرحمان الرحيم 

و الصلاة والسلام على أشرف المرسلين 

قارئي العزيز كيف حالك .

طمنا عنك وكن بخير .

هنا 

حل الخريف.أخيرا .  رغم كونه يتهادى ببطئ و أحيانا خجولا لا يزورنا لأيام .. لكنه يرسم ملامحه على الأرض بخفة ولطف واستمرارية  ٖ على الشجر و على الأشياء يلون السحاب والسماء .. يلوح لي من بعيد ها قد أتيت. وأتنفس حينها الصعداء  . 

سماء مثقلة بجميل السحب.. رائحة الأرض والشجر المبلل .. قطرات الندى على كله .

أمامي يقبع حقل كروم على مد البصر تحيط به أشجار الصفصاف و الكلتوس . مريح للنظر على مر السنة . كان عيدانا صغيرة جرداء . وسبحان الله شيئا فشيئا اكتسى ثوبه الأخضر و أطلت زهوره ثم تدلى العنب كعقيق أسود .

كنت أرى الطيور تحط عليه .. من طائر العقعق للحمام وحتى النورس و الغربان .. وما أبهجه من منظر  يأخذ الأنفاس حين ترى طيور النورس تحوم فوقه بالعشرات ..

قارئي العزيز 

هطل المطر أخيرا .. خيوط تغسل الأرض وتمسح ما تخلف بي من حزن .. لسويعات عم الهدوء عالمي الداخلي واستكنت 


انسحبت من ضجيج العالم .. لسويعات انفصلت عنه وكنت لي .. وهدأت 

جلست فقط.. 

ستتساءل قارئي  ما معنى جلست? ما الصعب في الجلوس?

طبعا هو صعب على إمرأة يترجم لا وعيها أي احساس بالفراغ أو الحزن أو القلق أو حتى المرض والملل لحركة .. 

وليس أي حركة بل فعل.. وهنا تجدني في قمة التعب والمرض .. وعوض أن ارتاح أفرك الجدران حرفيا .. أو أطبخ 

ولا أكتفي بذلك بل أكرر مسح الأشياء كي لا تتخلف ذرة غبار 

وهذا مناف لفيزياء المكان الذي وللأسف ينتشر غباره كذرات الهواء والأمر ميؤوس منه فالغبار حرفيا كالديكور هنا لا يزول .

أول ما تحس ذرة الغبار أن هناك مكانا أصبح شاغرا لها تسرع لتخلق من الفراغ. 

pouuuf . هكذا وتحتل المكان من جديد

لا علينا 

بدأت تعود الحياة هنا . ليست بذلك السوء.. فالمكان شبيه ببلدي مع تحسين فيه فكله منظم ونظيف وشاسع 

للأمانة أنا محظوظة لأن المكان هنا كله أشجار وغابات .. هذا ما يخفف علي مشهد العمارات كعلب كبريت متراصة ومتجاورة .. ومتقابلة .. الجميل أو ما يخفف حدة ذلك الطابع المعماري أنها مرصوصة بشكل مربع ووسطه حدائق مفتوحة .. أو مكان للجلوس بملعب وحوله أشجار .. أو بارك للاطفال حتى لو كان صغير .. 

 الطقس نوعا ما شبه لطقس بلدي ..البحر قريب والجبل قريب والجداول  والبحيرات وبعض الشلالات  ليست ببعيدة جدا .

مكان سياحي بامتياز يذكرك بالقنطاوي ليلا مع ازدحام شديد هنا . 

معيشته غالية لكن تتأقلم معها .

اشتقت لرائحة الورد والياسمين ببلدي . هنا ببساطة كله جميل وقليلا ما تجد وردا برائحة لذيذة نفاذة كما ببلدي .. كله كبير باسق وأخضر على طول السنة لكنه بلا رائحة 

يزرعون كثيرا نبات الدفلة .. ورودها تبقى طوييييلا . لكنها سامة 

في بلدي ايظا يزرعونها لأنها تحتمل أقسى الظروف

ما الفرق? هنا يظهرون جمالها فتراها شجرة شامخة باسقة . وهناك ببلدي تترك لحالها كنبات طفيلي يحتل الأرض .. فتصير مدفونة تحت أكوام البلاستيك 


البشر هنا مزيج جميل ..من الأفارقة للفرنسيين للبريطانيين للعرب للأمازيغ ..لبعض الآسيويين 

بدأت اتعود الألوان والثياب واللهجات .. 

بحثت عن ذلك الجمال الباهر للأوروبيات بعيون واسعة زرقاء أو خضراء وشعر منسدل أصفر كشلال ذهب 

هذا الجمال عزيزي غير موجود إلا  نادرا !على كل لم أره حتى الآن .

الكل فيه شيء منه .. لكن في الأخير تدرك أن لنا سمة أحلى بكثير 

الحياة هنا عبارة عن نسق سريع متكرر نمطي 

حتى الفسحات .. لاشيء فيها مميز .. فأنت لا تترك لنفسك الحرية المادية ولا النفسية لتتصرف كما يحلو لك..

وليس بلدك لتتكلم براحتك أو تسير براحتك أو تكون أنت ..

تلقائيتك تلك عيب في بلدك و في بلد الآخر قلة احترام له!

أدب طفلك بصمت .. أصرخ بصمت .. تكلم برفق .. لا تندهش.. وإياك أن تقول واااااو 

ستبدو غريبا ضائعا غبيا !!

الإندهاش لسياح ولست سائح .. الإنبهار يجب أن يكون محدودا فالعرب سيمارسون عليك عنصرية .. انظروا لهذا الجديد الغبي 

والغير منظم 

و الفرنسيون يتأففون من تلقائيتك غير المحترمة 

في المقابل عليك ان تسكر وتخرج من دماغك ليعذروك بعد شتمك 

هو سكران 😂😂😂😂

عزيزي 

كله جميل على السطح لكن 

كعقارب ساعة لا نهدئ. لا تشعر أنك نمت وارتحت ..

لا تشعر أنك تسير بل تركض.

لا تشعر أنك تعيش بل تتعايش 

فقدت اللغة.  أشتاق لحوار ثري .. نقاش جميل.

هنا لا شيء سوى الحديث عن الطبخ النفخ الأطفال .. الثياب .. التخفيضات 

ستبدو أبله لو تحدثت عن كتاب ..

المكتبة ورائي وما عادت أجوائي .كبرت على الطاولة والكرسي كما أنها للأطفال 

الثقافة هنا محدودة أو لنقل لأقلية لم اتعرف عليها بعد 

و الأماكن ابعد من أن تسير على قدميك و حتى بسيارة .. فعجقات السير .. تجعل من الأفضل ان تسير على قدميك . حتى الوقت .. غير مناسب فارتباطك بمسؤوليات يعيقك 

هنا عليك خلق توازنك 

عليك إيجاد نمط لك 

هنا عليك خوض حرب مع نفسك كي لا تنهكها ولا تستنزفها ولا تستهلكها وأيظا كي لا تخسرها أو تنساها أو تأسرها أو تغيرها أو تتركها على هواها.. 

هنا أنت ولست أنت وهناك ببلدي أنا ولست أنا 

ويبقى سؤالي متى أجد هاته الأنا 😂 

لست أشتكي قارئي لكن أظن المرئ خلق فقط ليبحث عن شيء 

كن بخير قارئي وانتبه لك 






















إشتقت حقا أن أقرأ لك 



  • Uma's world
    أحب الكتب و القطط و الصباحات الشتوية الغائمة والإستماع لفيروز والأغاني الفرنسية الخالدة . هنا أحتفي بالقهوة ولها عندي طقوس خاصة . قهوتي قطي و كتابي وشمعة عطرية وأغنية وفكرة تجول بخاطري فأشاركها معكم في شكل مقال. هنا أهرب ...
   نشر في 30 شتنبر 2023 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا