ميدوزا العرب - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

ميدوزا العرب

  نشر في 27 غشت 2016  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

بين حورية الغرب الجميلة الرقيقة والرائعة بكل المقاييس وبين ميدوزا الشرق "النكدية" ذات الطابع المرير، بدأ الأمر عام 2013، حين كنت أنوي السفر لتكملة دراستي في الخارج، كنت قد بدأت بتركيز كل اهتماماتي على السوشيال ميديا في متابعة الشباب المهاجرين او المقيمين بالخارج، كعادة الشباب العرب حين يسافر يقوم بتعداد كل تفصيل جيد في الموطن الجديد دون اهمال ولو بسيط،، مشكورا .. كانت هذه التفاصيل تفيدني بالطبع ، لكنني دوما ما تسألت وماذا عن باقي التفاصيل؟ ، لماذا لا يذكرون أي نقاط سلبية عن المجتمع الغربي، لماذا يحصرون كل شيء على المميزات حتى انني أصبحت اتخيل هذا البلد كأرض العجائب حيث كل شيء وردي، يبرر عقلي أوتوماتيكيا دوما في تلك المواقف ويخبرني ان هذا الامر طبيعي برمته، مازالوا في وهج البداية والبدايات في معظمها زاهية، بعد مرور عدة اشهر يظهر الشاب من جديد ليخبر ان زفافه غدا، وان تلك المرأة الرائعة هي "اجنبية" وانها الكنز الذي لا يعوض، والحقيقة انه في معظم الأمر لا يخفي ولعه الشديد بمقارنة ذلك "الكنز الأجنبي" بنظيرتها الأخرى من بلاده المغبرة، مشيرا الى كل النواحي السلبية في فتاة "الشرق" التي لا تسلم من مقارنتها من جميع النواحي بفتيات "الغرب" الرائعات، في الواقع كنت استقبل أخبار زفاف أولئك الشباب بكل سرور تماما كاستقبالي لأي خبر سار لأحد معارفي، ولا أمتعض أبداً إلا حين اصطدم بذلك الجزء الذي يذيل به ذلك الشاب كتاباته منذ تلك اللحظة الميمونة في كل منشوراته فيما بعد، متباهيا بما فاز به من "كنز" في ارض العجائب ومخاطبا كل أولئك النسوة اللاتي غرقن في قاع وطنه بسبب سلبياتهن المتعددة و طبائعهن ال"سقيمة"، بتكرر الأمر عاماً بعد عام وشابا بعد شاب، أصبحت اشعر أن الأمر أصبح "موضة" وأنني في انتظار منشور جديد من شاب جديد مغترب يهلل ويكبر لفوزه بالجوهرة الجديدة بعد أن نجا من براثن ميدوزات العرب، بعد مرور ثلاث سنوات تكرر خلالهم نفس السيناريو عدة مرات بصورة مريبة أوجد ذلك داخلي العديد من الأسئلة الملحة وآمنت بأنه علي أن أجد إجابات شافية لتلك الأسئلة لأن الأمر أصبح يمس كرامتي كواحدة من "فتيات العرب" ،اول الأسئلة التي راودتني كان "لم كل ذلك اللوم والتنديد بفتيات العرب؟" بصفتي مصرية سأحاول عرض ما أدركته مما يذاع عنا و ما يوجه لنا من كل تلك الاتهامات بالرغبات المادية اللامتناهية ضاربين الأمثلة ب"النيش" و"السفرة" و"اوضة الأطفال" وغير ذلك من مطالب أولياء الأمور الناتجة عن قيم مجتمع تلاشت فيه كل المبادئ وبقيت فقط قيمة واحدة تدعى" التباهي “،الفتاة والشاب بما تحلا به من مكارم الأخلاق وقيم الدين في الواقع لا يساوي ذلك شيئا سوى القليل في هذا المجتمع، ففي اللحظة الحاسمة ستُخلق قيم من العدم منددة بحجم مرتب العريس و مدى قدرة أهل العروسة على المساهمة في ال"المشروع المشترك" ،تلقائيا تذكرت احد نقاشاتي حول ذلك الامر مع احدى قريباتي حين كنت اخبرها انني لا اجد في تلك الأمور المادية ما يعطي قيمة للفتاة او حتى يعبر عن قيمة الرجل ذاته، ديون واموال لا فائدة لها سوى لفت الانتباه والجعجعة المجتمعية، حينها فاجأتني قريبتي حين قالت ان الامر لا يمكن تجاهله وان تلك العادات والتقاليد ان لم تتبع سيؤثر ذلك على صورة الفتاة وستنظر عائلة الزوج لها نظرة "رخيصة" حيث انني بذلك "أرخص" نفسي وان ذلك قد يثير الشكوك، رد فعل عجيب لم أفهمه ولكني توقعته من فتاة قد ترغب في مقارنة نفسها مع صديقاتها غير مبالية بما يتحمله الآخرون لتحقيق ذلك، لكنني تعجبت كل العجب حين وجدت نفس رد الفعل من شاب حين تقدم لفتاة تقليديا وبادرته تلك الفتاة برغبتها في التغيير وانها لا تريد تلك التكاليف كلها، رغم انني لا اذكر تفاصيل القصة جيدا إلا أنني أذكر ما روته تلك الفتاة عن ما قاله الشاب حين اخبرها انه سيعود لوالديه أولا ثم يخبرها برأيه، والذي في النهاية كان مهينا لتلك الفتاة وانتهي الامر بتكتل كلا من عائلتيهما شاملين الشاب ذاته بمواجهة تلك الفتاة "الخارجة" عن التقاليد والتي لا بد انها تثير الشكوك، كل ما سبق ذكره هو انتاج محلي الصنع من مجتمع خلق تقاليده وعاداته وازال كل ما يعطي الانسان قيمة واكتفى بقيمة "الأشياء" وليس مردوده الى تلك الفتيات المقيدات واللاتي يجاهدن ويبررن فقط لنيل جزء من حريتهم ، أكثر الاتهامات انتشارا أيضا هو "طبائع" فتيات العرب الصعبة بعكس حوريات الغرب الناعمة، في الواقع فور تفكيري بالسؤال ذاته أحاول جاهدة ان أوقف عقلي عن المقارنة بين رجالنا ورجال الغرب حتى احافظ على حيادية هذا المقال دونما تحيز ،فالطريقة العلمية في التفكير ترفض ذلك النوع من الأسئلة مطلقا والذي "يعمم" الأمور وكأنما يناقض الطبيعة البشرية في الاختلاف والتمايز بين البشر، فلا يوجد اثنين على سطح هذا الكوكب لديهما نفس الشخصية، وبما انني لم اعد استطيع تحديد ما سمة هذا "الطابع" الذي بُلينا به ولم أعد أفهم كيف يمكن ان تكون كل الإناث في هذا المجتمع بشخصية واحدة، سأكتفي بذكر اهم ما التقطت من عيوب خلقية اتُهمنا بها ومحاولة فهم لماذا يتم اتهامنا نحن تحديدا بها، الغيرة؟ الشك؟ الثرثرة؟ ماذا أيضا؟ كل ما أحاول تذكره من اتهامات لا تعدو سوى اتهامات الرجال للنساء في كل العالم وعلى مر الزمان، فلم إذن يتم حصر تلك الصفات على فتيات الشرق؟!، أبسط محاولة بحث على محرك البحث جوجل عن احدى تلك الخصال باللغة الإنجليزية سيعطيك عدة أبحاث ودراسات تبرزها في نساء مجتمعاتهم ،في الواقع يكفي أن تقرأ أحد أشهر المقالات عام 2013 عن تصنيف مصر كأسوأ بلد يمكن ان تعيش فيه النساء على مستوى العالم، ولا داعي لذكر كل ما تم ذكره في هذه الدراسة من قوانين وممارسات ضد المرأة وانتهاكات لحقوقها والتي بكل تأكيد لن تتحملها تلك العصافير الغربية الجميلة، في هذه اللحظة بت أكره مقالي هذا تحديدا وما دفعني فيه لأكون عنصرية بوصف "فتياتنا" و"فتياتهم" و ادراج عدة مقارنات انا في الأصل ضد وجودها، وبدلاً من اكمال ذلك التنديد أفضل ان اتحدث الآن عن النماذج الحية التي نعايشها يومياً و نشهد تفاصيل معاناتها في هذا البلد الذي يعتبر الأسوأ لها كمحل للمعيشة على هذا الكوكب ووسط كل تلك الممارسات التي تحط من قيمتها و الاتهامات التي تصنفها كأسوأ أنثى يمكن اتخاذها كشريكة حياة، فكم من أم في هذا البلد تركها زوجها متخذاً بقعته المفضلة في المقهى الشعبي بجوار بيته ملاذاً له من كل تلك المسئوليات "الملعونة" غير عابئ بما تتحمله تلك الام من تربية أبنائها وتحمل مسئولياتهم ، وكم من فتاة تم منعها من اكمال تعليمها سواء لتزويجها أو لإجبارها على العمل ،فتتحول تلك الأنثى فوراً الى "امرأة معيلة"، "فالمرأة المعيلة هي كل من تعول أسرة سواء لفقد الزوج أو الأب أو العائل للأسرة بسبب الغياب أو الوفاة أو السجن, أو بسبب عجز العائل, وهي ليست المرأة البسيطة الفقيرة فقط وإنما أيضا المتعلمة وصاحبة المكانة الاجتماعية, وليست المطلقة أو الأرملة أو الزوجة والأم فقط وإنما قد تكون الابنة أو الشقيقة, فهناك فتيات صغيرات مسئولات عن أسرهن. هذا كما وصفته مايا مرسي-منسقة هيئة الأمم المتحدة لشئون المرأة (في مصر)" بقلم منى موسى على موقع أخبار الوطن. وتبلغ نسبة المرأة المعيلة في مصر نحو25% من نسبة السكان أي الربع، كل ما أردت قوله في هذا المقال ان نكف عن اتهام المرأة العربية ووصمها ومقارنتها بنساء الغرب، فعلى كل المقاييس لا تصلح هذه المقارنة، تماما كما لا تصلح مثل تلك المقارنات العنصرية بين كل البشر، ويكفيها مقدما ما تعانيه لنيل بعض حقوقها التي كفلها لها الدين وأبى المجتمع أن تنالها، ففي نهاية الأمر كلنا نعلم أن النساء (كل النساء) من الزهرة والرجال من المريخ.


  • 2

   نشر في 27 غشت 2016  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا