من أكثر الأمور حرقا لأعصاب أحدنا أن يختبر أحدهم صبرنا بسفاهته أو استفزازه أو استغبائه و استغفاله لنا قصد المزاح فقط على حد قوله,غير أني لا أتردد بأخذ الأمر على محمل الجد و أنه يستحق الرد الناسف و الصارم . نتغاضى في كثير من الأحيان عن سفاسف الأمور حفاظا على علاقات و لو كان ذلك على حساب سلامة مشاعرنا و أعصابنا من التلف, لأن قاعدة السلامة العقلية تقول تجاهل أكثر تصح أكثر و لأنه ليس كل ما يقال يستحق الوقوف عنده و التمعن به. و لأن تجاهل الأمور التافهة نعمة . فإن جميع الأمور التي ستؤدي إلى تعكير صفوي تافهة صحيح هذا و لكن هناك من العادات التي تنخر جسد هذا المجتمع الذي لا أجد لوصفه عبارة الكثير من العادات التي لا تمر على أدمغة فاعليها قبل القيام بها لأنه لو كان الأمر كذلك لا أعتفد أنهم سيتجرؤون و يقدمون على فعلها, أو أنهم حقيقة ذوي ذوات مريضة, تلك العادات التي لطالما أقسمت أني سأحاربها إلى آخر رمق لي و لوكلفني ذلك الكثير لأني لا أتخيل نفسي في موقف يقال لي على سبيل المزاح "لماذا لم تتزوجي بعد" , "لماذا أني بدينة, نحيفة..." أو لغيري " لماذا لا تنجبين"," لماذا لا تملك عائلة" إلى غير ذلك من الأسئلة أقصد الوقاحات البشرية التي لا قبلها و لا بعدها وقاحة, لا أتخيل نفسي وأنا أتعرض لموقف كهذا أن أتجاهل كي تسلم أعصابي من التلف هل هذا ممكن؟ قد نجد من يفعل ذلك و لكن أليس الأحرى أن نكتفي بذواتنا و أنفسنا و نحاول إصلاحها قدر المستطاع عوض تصيد أخطاء الآخرين و حشر أنوفنا في تفاصيل الآخرين و ليكن ذلك على سبيل الكرامة لا غير .
اذكر من صغري أني لطالما كنت أمقت هذه الوقاحات العلنية التي لا ينفك الكثير ممن هم حولنا عن ترديدها , ما ضر لو لاحظ أحدنا أن تلك الفتاة أو ذلك الرجل يعتريه نقص و كلنا كذلك و لم نعر ذلك اهتمام ألا يمكننا مرورَ مرورِ الكرام مثلا؟ أم أن كل واحد منا أخذ على عاتقه مهمة أن يكون رقيب و عتيد على الآخر؟ أو ليس بديننا " يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم" أليس درسا كبيرا في وجوب انشغال الإنسان بنفسه و إصلاحها و تقويمها لا الانشغال بأنفس العباد ؟ أو لم يذكر المعصوم في حديثه " من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" غير أن بعضنا لم يكتف برتبة الملك الرقيب و العتيد بل جاوز حدوده بأقواله التي لا يلقي لها انتباه منزلة الرب دون حس و لا شعور متناسيا "و لا يشرك في حكمه أحدا" , يعتب علي الكثير تأخري في تلقي الأخبار و الحوادث في محيطي و لا يزال الكثير يقول لي "إنك حقا ميتة هل أنت حقا تعشين على هذا الكوكب" و لا أزال أجيب بأنني أعيش في حياتي و ليس في حياتي الآخرين.
عن نفسي كنت قد حرمت عليها الفضول الوقح و الحكم على الناس لأي سبب فالتغيير الذي أريد أن آراه بالآخرين يبدأ من نفسي.
-
Brilliant Brunetteالكتابة هي الشمس التي تسطع في سماء اليأس