يقول صديقي...1
يقول صديقي: كيف لي أن أهاجر إلى بلد لا يوجد به الكسكس والبسطيلة؟
نشر في 06 يناير 2018 .
لم أتوقع أبدا أن يهديني القدر صديقا مثل هذا الشخص أبدا، ابتليت بصديق عزيز غريب الأطوار من طينة أخرى غير ما تعرفه، صداقتنا متينة لكن جدالنا دائم.
صديقي هذا رفض عرضا للهجرة إلى كندا من أجل الدراسة، لكن ماهو سبب ذلك؟
يقول : كيف لي أن أهاجر إلى بلد لا يوجد به الكسكس والبسطيلة؟
إنه شخص غريب الأطوار يحب الطبخ المغربي حتى النخاع، وصل به حبه إلى أن يضع صور البسطيلة والمسمن والكسكس في أرجاء غرفته، ويضع صوت القلي كمنبه، والعديد من التصرفات الغريبة التي تدل على الامراض العقلية التي ابتلي بها المسكين.
لم أتقبل ابدا رفضه لهذا العرض الثمين الذي ينتظره ويتمناه ويتشوفه الكثير من الشباب اليوم، إنها فرصة ذهبية لبناء مستقبل مشرق، فقال لي: كيف تحدثني عن مستقبل لا توجد فيه البسطيلة؟ كيف يجوز لي أن أعيش بدون كسكس يوم الجمعة؟ كيف تدّعي صداقتي وأنت على تعاستي أحرص؟ هل بطني لا حق له في هذا المستقبل؟
سألته: ولما لا تتعلم الطبخ وتحوز هذه الفرصة الثمينة؟ فرد علي قائلا: لقد حاولت مرارا وتكرارا لكني لا أصبر على ذلك، فقد آكل ما بداخل البسطيلة قبل أن توضع في الفرن وقد ألتهم البغرير وهو لم يقلى بعد وهكذا دواليك، حتى حكمت علي والدتي بالابتعاد عن المطبخ نهائيا، أتتذكر أني لم ألتقيك الأسبوع الفائت وأخبروك أني مريض؟
أجبته: نعم أخبرتني أمك أنك كنت طريح الفراش، ولما طلبت منها أن أصعد إلى غرفتك لأطمئن عليك أخبرتني أنك نائم، وتكرر عذرها طوال الأسبوع!!
فرد قائلا: لا يا صديقي، لقد كنت أبكي كل يوم حتى يُغمى علي، ثم أستيقظ وما ان أتذكر العقوبة حتى أبكي بكاء حارا وأفقد وعيي، واستمر هذا حتى زارني جار لنا وهو طبيب بيطري مختص بالنباتات الآكلة للحوم البشر ووصف لي دواء مهدأ أصبحت أتناوله كل يوم.
فقلت له: أنت لست شخصا طبيعيا بالمرة، يجب أن تجد حلا لمشكلتك هذه فقد تكون سببا في فشلك مستقبلا.
فرد بنبرة الواثق من نفسه: فشلي في الحياة ألا آكل الكسكس أسبوعيا والبسطيلة كل أسبوعين والملاوي بالشحمة والبغرير كل يوم بالتناوب بينهما على وجبة الكاسكروط.
ثم أتتني فكرة عبقرية، ولما أخبرته بها قال لي: لا لن أتزوج الآن، لا يمكن أن أضيف فردا جديدا على مائدة الطعام، وهذا الشخص سيكون سببا في اضافة أفراد جدد إلى المائدة وهذا خطر جدا في هذه الآونة، أرجو منك أن تدعني وشأني يا صديقي، أراك تحرص على هجرتي وكأنك ضقت بي ذرعا، ان كان كذلك فلتنتهي هذه الصداقة.
فلما قال لي ذلك لم أستطع أن أحاول اقناعه لأني لا أريد أن يتسبب هذا النقاش في خصومة.
قد يكون ما تقرؤونه مثيرا للضحك والسخرية لكن الأمر غير ذلك بالنسبة لي، فهل يمكنكم أن تقترحوا حلا؟
-
سهيل الدوىسهيل الدوى شاب مغربي في 22 من عمره، طالب باحث بكلية العلوم بمدينة فاس تخصص الرياضيات المعمقة وتطبيقاتها، حاصل على ديبلوم الإجازة والماستر في الرياضيات المعمقة، مهتم بالكتابة في المجال العلمي والأدبي والصحفي.