في ضوءِ الازار , وفيضِ العِواءْ , ومنظرِ الزَّمهريرْ البعيدْ , وانتْ واقفٌ على سيريسْ , تودعُ الأرضَ من خارجِ المجرةْ . وتكتبُ لها جواباً بسوادِ الفضاءِ ولونِ النجومِ كالماسْ وكلما تكتُبْ السطرَ تهطلُ دمعةً من الارضِ على هامش ورقتكْ الملئ بالخطوطِ التي ليسْ لها مُنتهىْ .
على تلكَ الورقةْ تكتبُ ما كان يمنعُكَ آخركَ من كتابتهِ وانت في اسر مملكتكْ , تتمردُ على من سمحَ لكَ بأن تُعبرَ عنهُ في احضان غدرهِ وانت لا تشعُرْ , تبكيْ ذهباً من ذلكَ العيار الثمين الذي يعوضُكَ به الفضاءْ . ابحقِّكَ اليسَ الفضاءُ اجملَ من البحرْ ؟ , كلاهُما واسعانْ كلاهما يسمحُ لك بالسباحة فيه , ولكنَّ الفضاءْ يأخُذُكَ من اسرِ الحياةْ الى وسيعِها , والبحرُ يخطفُكَ من اسرِ الحياةْ الى حتفِها .
معكَ حقيبتكْ , اقلامك , معكَ النقاءْ , ولقدْ تركتَ كُلَّ ما يعكرُ صفائك في كوكبِ الأسرْ , تركتْ اوراقكَ المليئة بزخم الايامْ , تركتَ حياتكَ الأولى , تركتَ أُختِكَ الصغيرة تبكي من شدة الاشتياقْ وتركتَ آخركْ حتى يأسرُهُمْ كما أسركْ من قبلْ , انعمْ في الفضاءِ واتركْ ما ورائكَ ورائكْ , لا تنظرْ الى الخلفْ فتتعثرَ في نجمةٍ من نجوم الحُرية . كوكبٌ جديد , عالمٌ جديد , قمرانْ بدلاً من واحدْ قمرانِ يُضيئانِ ليلكْ حتى تستطيع كتابةَ خطابكَ المُتمردُ الآخير الى الارضْ , وداعاً كوكب الحزن .. وداعا لا لقاءَ بعدَهْ , وداعاً أُمي , وداعاً كُتُبي , الوداعُ الآخير من ارض الجحيم الى النعيمِ الآخر , الى كوكبٍ من الموت الأخير , الموتُ الذي يُنقيكَ من موتكْ الاسبق , تُناديكَ كهوفُ الظلامْ , مع قمرانِ مُشعَّان . انت المُيتُ بذنبكَ والحيَّ بروحٍ آخر , انت ... المُتمرِّدْ .
#طبتم
-
أبو حمزهالعبد الفقر إلي ربه أحمد بن أسامة