من وجهة نظري ونظر الكثيرين أن العلاقات الناجحة هي التي نهاياتها كانت جميلة، ولم تكن إنسحابية تكتيكية صادمة مؤذية، فحتى ولو رحل الطرف الآخر فليرحل وأنت عنه راض.

أحدهم غمرك بحبه واهتمامه وعطائه، وختم معك بخاتمة جميلة، ما دام كان معك وفياً، وأعطى ولم يبخل، وبذل كل ما عنده، واحترمك قبل رحيله وجبر بخاطرك؛ فهنا اسمح له بالرحيل راضياً، دام كان معك كريم العطاء ولم يقصر، وطيب خاطرك قبل رحيله؛ فسماحك له بالرحيل هو من ثقتك في أنه كان مجبراً على الرحيل، وأنه لو كان يملك المزيد من وقته وعطائه لما تركك.

فالفراق سنة الحياة بأي سبب كان، لكن النهايات الجميلة التي تحترمك هي أجمل أنواع الفراق، ستحزن لفراقه وهو سيحزن أيضاً، لكن شعورك أن هذا في مصلحته يجعلك تقبل برحيله دون أي مقاومة منك تُذكر، لأنه سيكون شرح لك ظرفه وأسبابه ولو اقتضاباً، وحتى ولو جاءك يقول:

"أنا مضطر للرحيل؛ فسامحني، وادعو لي، واذكرني بخير"

فليذهب، دام كان سِجِلُّه معك ناصعاً.

فمن وجهة نظري أرى أن العلاقات الناجحة هي التي كانت كعقد روحي وقتي بين طرفين، كل منهم وهب الآخر حاجته، واستنفذ أحدهما قدرته على استمرار عطائه وقرر الإنسحاب والرحيل، وقد أعلم الطرف الآخر بذلك، وهيأه نفسياً لتقبل رحيله.

فبكل بساطة إن رحل أحدهم عنك موصلاً لك إلى محطة معينة من محطات حياتك، فاعلم أن الله كان قد ساق لك في الطريق من يكمل مهمته ورسالته معك، لا البديل عنه، فحياتنا عبارة عن محطات، وعند كل محطة منها يهيئ الله لك من يضع كفه بكفك، ويهتم بك.

لذلك قل لرفيق دربك الجديد:

"تعال أضع كفي بكفك وتضع كفك بكفي، تعال أعاهدك ألا أنزع من كفك كفي حتى تنزع من كفي كفك. تعال أنا رفيق دربك وأنت رفيق دربي، اللذان هيأنا الله لبعض في هذه المحطة من عمرك وعمري"