"لكن المختار, ظل يرسم قصته أمامه, ولم ينتبه انه يرسم واقعا مشابها لواقعه!!"

استغرق المختار الليل كله مفكرا بما سمعه من المدير,واقتنع بأن المدير قد يكون صادقا في كلامه..فكيف يتأكد من صدقه؟؟

في مكتب المدير..

صباح الخير يا أستاذنا,كيف أصبحت اليوم؟

صباح النور يا مختارنا, قالها المدير وهو مذهولا بالتغير المفاجئ على كلام المختار!!ثم استدرك قائلا: زارتنا البركة, ماذا تشرب يا مختار؟وقبل أن ينطق المختار بكلمة,قال المدير:أحضرت معي قهوة من البيت,أجبرت المدام على عملها(هههههه)..ضحك المدير ليثير حفيظة المختار,ويرى رد فعله..

لله درك يا استاذ عبدالرزاق,كان الرسول صلى الله عليه وسلم رحيما بأهل بيته, أليس كذلك؟

الله الله يا مختار,هذا هو الكلام الصحيح,والله إني سعيد بك يا مختارنا,لكنني أحب أن أعقب على كلامك إن سمحت لي؟

تفضل يا أستاذ..قال المختار

لا تنسى يا كبير البلد أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان رحيما بأصحابه وأهل مكة أيضا,حتى انه كان رحيما مع الكفار واليهود والنصارى,الم تسمع انه عاد جارا له يهوديا في مرضه بالرغم أن هذا اليهودي كان يؤذيه؟

بلى سمعت يا أستاذ,كان والدي يقص علينا الحكايات عن النبي الأمين..

تفضل القهوة,وهات ما عندك من أخبار مفرحة يا حضرة المختار..

قررت يا أستاذ أن ادعم التلاميذ والمدرسة عامة,لكي ترقى إلى مستوى مدارس العاصمة..

الله الله يا مختار,سأطلب اجتماعا فوريا يضم أهالي القرية والتلاميذ والمعلمين..

الاجتماع..

المدير: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..

شرفني صباح هذا اليوم كبيرنا مختار البلد,جاءني حاملا هموم قريته وأهلها وأبناءه التلاميذ..وقد قدم لي بعض الاقتراحات المقنعة للارتقاء بالعملية التعليمية والإنتاجية,والسمو بمخرجات التعليم آملا أن يصل أبناء القرية إلى المستوى المطلوب..وساترك الآن المجال للمختار أبو فلان ليحدثكم..تفضل يا مختار..

"طبعا المختار ليس مفوها ,كان يود لو أكمل المدير كلامه وتكلم بالنيابة عنه"

شعر المدير أن المختار في وضع حرج,اقترب من أذنه وهمس له:تكلم بالطريقة التي تعجبك,نحن لسنا في مسابقة خطابة ولا في اجتماع رسمي!!

تنفس المختار الصعداء,ثم قال:السلام عليكم يا أهل قريتي,أذكركم أننا أخوة وأبناء عمومة..ومصلحتكم هي مصلحتي,وأبناءكم هم أبنائي..

في تلك اللحظات,تعالت الصيحات من الأهالي"الله يحيي أصلك يا مختار,أنت كبيرنا, وأخونا ,أنت تقول ونحن ننفذ"

المختار:اعلم أنني كنت قاسيا عليكم في السابق فارج وان تسامحونني أولا قبل أن أكمل حديثي!!

هنا,ارتجل احد الحاضرين قائلا:بالنيابة عني وعن أهل القرية,نحن مسامحون,ولنبدأ صفحة جديدة وننسى الماضي..

المحتار:انتم أهلي وعزوتي,لذلك سأردد على أسماعكم بعض الاقتراحات لمناقشتها معكم..

اقتراحات المختار..

1/لا بد أولا من ترميم مبنى المدرسة,وسأفعل هذا على حسابي..

2/في نهاية كل أسبوع سيكون خناك نشاط رياضي يبدأ من بعد صلاة العصر إلى صلاة المغرب(طبعا هذا كان اقتراح المدير),فهل تفضلون أن يكون النشاط في المدرسة أم في مزرعتي؟

3/سيكون هناك اجتماع دوري في ديوانيتي للجميع وعلى رأسهم المدير وأولياء الأمور المعلمين..

4/ سأخصص جوائز للمتفوقين أسبوعيا..ممن يزكيهم المدير والمدرسين,والتفوق ليس فقط دراسيا,بل أيضا التفوق الأخلاقي والديني..

5/جميع الطلاب متساوون في الحقوق والواجبات,طالما التلميذ دخل المدرسة يجب أن ينسى انه ابن فلان ا وعلان.."مشيرا بذلك إلى ولده"..ثم أردف قائلا :وأي شكوى تصدر من المدرسة على أي طالب سيواجه عقوبة صارمة(كان ينظر في تلك الأثناء إلى ولده)..

6/على الجميع أن يفهم أن المدرسة هي البيت الثاني,وأي عبث بالأموال العامة سيكون لها عقوبة رادعة

7/كل طالب ينهي المرحلة الابتدائية بتفوق سيرسل إلى العاصمة ليكمل دراسته هناك على نفقتي الخاصة,وسوف تكون عمارتي في العاصمة مقصورة على سكن أبناء القرية..

8/لا وجود لأي طالب متخاذل أو متقاعس أو متكاسل في المدرسة..والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

كانت كلمات المختار ذات وقع موسيقي على أسماع الجميع!!

"إن الإيمان بقضية ما - هو إلى درجة كبيرة- محاولة للتعويض عن الإيمان الذي فقدناه في أنفسنا"

وهذا بالضبط ما حصل مع المختار

ماهر باكير