كان يجلس مطبقا رأسه يفكر في صمت ، إقتحمت عليه خلوته ، واسترحلت في

كلامي بعد أن أوهمته أنه دوري في المسرحية الجديدة ~

من أنت حتى تستحق جلب أو لفت إنتباهي ~ ؟~ من هي كي تجعلني أتجرد من

إنسانيتي ونخوتي العربية ، لأصير مثلك ~ كيف أصنع ذلك وأهبط إلى الحضيض

مستدرجا ببنانك ~ ؟وقد ترسخت في ذهني منذ زمن بعيد لا تعرفه أنت ، حكمة

الفيلسوف نيتشه حيث قال :

- " إذا حاربت الوحوش ، فاحذر أن تصبح مثلهم "~ فكيف أسقط في الكمين

~؟~

أنت خاطئ من جهة المنطق ، ما الذي جعلك دون قيد تتعقب آثار غسيل الغير

المريض بالسيلان والذي لن يجف أبدا ، لا أظن أن الرائحة الكريهة هي التي

كانت السبب في إنسياقك وراء بقع الأوساخ ، حتى أصبحت تكره النظافة ~

ربما فقدت حاسة الشم وأنت لا تعلم لا بد لك من زيارة الطبيب ~ أو بدون

شك فأنت تفتقد لمنطق التمييز ~

لست أدري ما أصابك ؟ أراك وقد تعلمت لغتهم البليغة في خصلة التفرقة و

الإحتفال بنجاح الشتات دون الإحساس بآلام الغير ~ لكن لا أعجب ربما تعاني

من فقدان مناعة كل الحواس وخصوصا الرامية للأنسة ، لا لشئ غير أنك قرأت

موسوعة ألا عيب الشيطان في جامعة النرجيلة ~

حسب ما قال من كان يدرس معك بنفس الفصل صغيرا ، أنك كنت تعاني من

عقدة الخجل الزائد ، لكنك بعد أن إنقطعت عن الدراسة وولجت جامعة الليل

تتعلم بمدرجات الظلام تحت الأضواء الحمراء القائمة الألوان وأمامك يسيل ماء

الوفاة المنسم بالفواكه والخضراوات وهذا ما دفعك تنظم إلى نادي ألأصدقاء

الحرية والنوم في العراء تعشق الشواطئ والغابات . وخلفيات الأحياء ~ وحين

كانت تضبطك دورية جمارك العثمة، كنت تبكي دمعتين من العين الواحدة ،

متوسلا، دميما ومتطوعا لأداء غرامة صلحية جبائية عن مخالفتك الشفاهية ~

ثم هجرت نور الشمس لتحكي أساطيراً ميتافيزيقية عن فوائد النهار رغم أنك

لا تراه ، فكيف ستعرفه ، لأن دورة حياتك إنقلبت عكس البشر ، تنام نهارا

وتستيقظ ليلا ، فأصبحت قطعة منه بل أظلم منه ~

ولكن أخيرا أنصحك أن لا تنعم طويلا بليلك ، قريبا ستعلم أن السكة التي

سلكتها مظلمة ولا تدري أين ستأخدك هذه الطريق ، وأخاف ما أخافه عليك

من أبعاد الحكمة الشائعة :

- " من عاشر قوما أربعين يوما ، أصبح منهم " ~

قام رفيقي منتفضا وكأن ما قلته بلغ مفعوله وغادر المكان قائلا :

- " أنا لست منهم "~

ذ: سعيد كحيل : البيضاء 15/04/2015