يبدع الكثيرون في التنظير و التوجيه حول ما يجب فعله بالموازاة مع التكوين الجامعي ، ذلك لأن سوق العمل حاليا أصبح سوق مهارات لا شهادات فنقرأ في المقالات أن تطوير المهارات أساسي لولوج سوق العمل واكتساب الخبرات مهم للتدرج في المناصب ، لكن نادرون من يتكلمون بمعطيات قابلة للقياس ، و يقدمون حلولا ملموسة.
هنا أريد وصف حالة بغية إسقاطها على أمثالها من الحالات. متخرج شاب من جامعة الإعلام و الإتصال يبحث عن منصب عمل كأول تجربة له ، و هذا الحوار دار بينه وبين الشخص الذي يهم بتوظيفه.
-المدير: جامعة الإعلام و الإتصال، تكون سنويا الآلاف من "الصحفيين" في مختلف التخصصات لكن الإشكال أن قلة منكم فقط من يتمكنون من العمل.
-الشاب:لماذا ؟
-المدير:لأنكم لا تجيدون سوى الكتابة ، و ليت الأمر هنا فحسب ، المؤسف أننا نصادف أحيانا من لا يجيد كتابة فقرة متسقة ومنسجمة. ناهيك عن المهارات الأخرى التي يجب أن تكون متمكنا منها أو على الأقل ملما بالأساسيات.
أن تكون صحفيا اليوم ، يعني أن تنشر رسالة تتشكل من عناصر مختلفة ، النص و الصورة و التصميم و الفيديو و الصوت ، حتى فن الرد أصبحت مطالبا به كونك تعمل في إعلام تفاعلي. إضافة إلى ذلك ، قد يجبرك عملك على التعامل مع مصادر للأخبار بلغات مختلفة ، يعني أن تتقن الإنجليزية بالدرجة الأولى لم يعد تميزا بل ضرورة.
-الشاب: أنا درست تخصصا واحدا في الجامعة وهذه تخصصات متشعبة.
-المدير: لا تختلق الأعذار، المنصات المجانية موجودة ، اليوم أصبحت المعلومة متاحة أكثر من أي وقت مضى.
-الشاب: حسنا ، أنا متمكن من كل هذه الأمور، يعني أنني أجدر بالتوظيف أليس كذلك ؟
-المدير:لا تتسرع ، ما الذي يثبت لي جدارتك؟
-الشاب:وظفني و سترى أنني كفئ.
-المدير:و إن لم تكن كذلك ؟ و إن لم يقنعني أداؤك؟ سأضطر لإعادة الكرة مرة أخرى مع مترشح غيرك و هذا الأمر سيضيع وقتي.
ما الذي علي فعله إذن؟
-المدير: تطوع .
-الشاب: نعم ؟ أنا أبحث عن وظيفة و أنت تقترح علي عملا تطوعيا ؟
المدير: تطوع بمعنى أنك تعمل على مشاريع لا تتقاضى عليها أجرا ماديا بالضرورة لكنك تستخدم فيها مهاراتك و توظف ما تجيد فعله و تبقيها كتجربة مهنية. و في حال عرض عليك منصب مشابه ، ستجد تلك المشاريع هي من تقنع الشخص الذي أمامك بمدى جدارتك و كفاءتك للمنصب.
قم بعمل تصميمات ، اكتب مقالات احترافية في مجالات تحبها ، سجل فيديوهات قصيرة بصوتك و انشرها على مواقع التواصل الإجتماعي.الخبرة المهنية لا تقتصر على عقد مع شركة.
كان هذا حوار مبني على تخصص معين ، لكن يمكننا تطبيقه على مختلف التخصصات الجامعية، صحيح أن البطالة أزمة تضرب وطننا العربي بشكل كبير لكن عملك لا يتوقف على شهادة جامعية،هناك مهارات تكمل مسارك لتجعل منك عنصرا متميزا.يمكنك استغلال وقت فراغك كطالب أو كباحث عن عمل في بناء صورة مهنية تضاهي إمكانياتك و تفتح لك آفاقا عديدة قد لا تنتبه إليها إذا كانت زاوية نظرك ضيقة.