كيف أوقف السلوك السيء لدى طفلي؟
طفلي عنيد
نشر في 25 نونبر 2022 وآخر تعديل بتاريخ 26 نونبر 2022 .
من البديهي قبل التطرق إلى حل أية مشكلة البحث عن أسباب تلك المشكلة، وذلك للحصول على نتائج مرضية سواءا بإيجاد حل يقضي على ما قد نعاني منه أو إيجاد سبل تقلل من حجم تلك المعاناة..
ومن أحد تلك المشاكل التي يكاد لا يخلو منها منزل.. وجود السلوك السيء لدى أطفال ذلك المنزل، ومن الممكن أن يتجاوز ذلك السلوك العند والتحسس المفرط، ويأخذ إتجاها آخرا نحن في غنى عنه.. فيبدأ أحد الوالدين أو كلاهما بإستشارة من هم على ثقة بهم عن سبب وكيفية التعامل مع هذا المزيج من الضغط المستمر وعدم الثبات!
لكن في الواقع هنالك أمور قد تخفى على الأهل منها مدى وعي الوالدين وصحتهم النفسية التي تعكس على صحة الطفل العقلية وطريقة تربيته ضمن ظروف تتوافر فيها رفاهية تطوير المهارات الإجتماعية والعاطفية أو إنعدامها، ومحاولة التخلص من كل سلوك سيء تدريجيا.
**( ومن الضروري الإنتباه إلى كون طريقة طرح تلك المهارات تختلف بإختلاف المراحل العمرية لكل طفل )
*حيث نبدأ بمرحلة الطفولة إلى سن ( 5 سنوات): حيث يتطلع طفلك إلى الحب والتعلم والأمان.. ومن المهم جدا أن يبادر الأبوان في هذه المرحلة إلى تعزيز علاقة دافئة وحنونة وذلك بقضاء أكبر وقت ممتع مع طفلهما، وهنا يتم قطع شوط كبير بإرساء الأساس لحياة صحية عقلية جيدة.
*تأتي بعدها مرحلة ( المدرسة ): << وتقسم على مراحل مختلفة >>
_ فعندما يبدأ طفلك بالذهاب إلى المدرسة.. تبدأ مهاراته العقلية والبدنية والإجتماعية بالتطور بسرعة، فيكون مستعدا لخوض التجارب والتحدث أكثر عن عواطفه.
فتبدأ الصداقة وضغط الأقران فيتحول تركيزه من المنزل إلى العالم الخارجي، فيكتسب طفلك إحساسا بالمسؤولية ويتعلم أن يكون مستقلا وتظهر عليه التغيرات العاطفية، فهي مرحلة حرجة لكلا الطرفين، فتزداد الأسئلة وتبنى الثقة.
* لذا على الوالدين تعلم كيفية إنشاء حديث مع أطفالهم
_ إبدأ حديثك بسؤال طفلك عن حاله، تحدث معه عن المدرسة والأصدقاء وعن ما يحبه أو العكس.
_ إبدأ بخلق الأحداث التي تعبر بها عن حبك لطفلك، كأن تظمه إلى صدرك وتربت برفق على ظهره أو بجلب هدايا تشجيعية له من وقت لآخر، وأشعره بالراحة حيال الإنفتاح تجاهك؛ ففي هذه المرحلة العمرية كل ما يريده طفلك هو أن يكون مقبولا ومحبوبا من قبل الجميع، فتقبلك له هو بداية لبناء جسر الثقة لديه ( لذا إنتبه دوما بإختيارك للكلمات معه أو أمامه فهو ينظر إليك ويلتقط مشاعرك )
_ إمدحه من خلال التركيز على عمل جيد قد أنجزه.
_ يرجى مراعاة تجنب صيغة الأمر عند طلب بعض الأشياء منه، كأمور العبادة مثلا ( فكل الأديان السماوية لها ما يصفها من عبادات )
كأن تقول له ( فلنقم لنصل ) أفضل من قولك ( قم لتصل )
أي أن تغرس في روح الطفل حب ما يفعله دون ضغوط منفرة.
* إنتهاءا من مرحلة بداية المدرسة وصولا إلى مرحلة بداية المراهقة التي يصبح فيها الطفل أكثر قدرة في التعبير عن مشاعره ويتمتع بزيادة قدرة تمييز الصواب والخطأ وتنمو الشخصية مع بدء تغييرات فسلجية قد تكون مقلقة له.. ويمكن أن يؤثر ذلك على صحته النفسية والعقلية، حيث تعتبر مرحلة التطور هذه من المراحل الصعبة في حياة الطفل؛ لذا يجب أن لا يخفى على الأبوين ضرورة مرافقة طفلهم وإفساح المجال له بالتعبير عن مخاوفه ومشاكله، فسوف يحدث ذلك فارقا كبيرا..
حيث إن تنظيم جلسات تحدث مع الطفل ( دون ضغط أو توقعات أو طرح أسئلة مباشرة ) من شأنها أن تقلل ما قد يتعرض له في هذه المرحلة من تقلب للمشاعر.
_ فليكن حديثك عفويا حواريا وكن حساسا لمزاجه إذا ما لاحظت بتغيير مفاجيء في تصرفاته ( وإسأله إذا ما كان يود الحديث معك عن سبب هذا التغيير).
*وصولا إلى مرحلة المراهقة التي تعتبر من أشد المراحل المقلقة لدى الأبوين( حيث تبدأ من سن 14سنة )
وهنا يبدأ المراهق بالبحث عن المزيد من الإستقلال والمسؤولية، ويزداد تفاعله مع الأصدقاء.
وبسبب وسائل التواصل الإجتماعي قد يقضي المراهق وقت أقل مع العائلة وهو ما يقلق الأبوين في حال إن سمحوا أن تفلت من أيديهم زمام الأمور..
<< إذ يأتي الدور الأصعب للأهل في كيفية وضع خطط توازن بعلاقة أولادهم بهم >>
وبسبب التغييرات الجسدية السريعة كتغير حجم الجسم أو شكله أو وزنه.. تزداد المزاجية والقلق الإجتماعي اللذان من شأنهما أن يؤثرا على سير تلك الخطط.
لكن مثابرة الوالدين أو أحدهما سيبقي الإبن بعيدا عن السلوكيات والعادات الغير الصحية التي تنتقل من مرحلة المراهقة إلى سنوات البلوغ.
_قد تكون على أفضل حال مع إبنك أو قد تواجه تحديات، لكن في كلتا الحالتين أظهر له حبك وإنك متوفر دوما لمساعدته.
فغالبا ما نلاحظ بكون أغلب الأسر تشكو من عدم إمكانية إقامة حوار مع أبنائهم، ويكمن الخطأ هنا في كيفية إختيارهم الوقت ونوع الحديث معهم.
فيجب أن يعامل المراهق بحذر وذكاء شديدين. حاول مثلا إنشاء مناسبات للدردشة مثل الطهي معا.. ولتكن أسئلتك له واضحة مفهومة دون إنتقاد وإسأله عن آرائه دوما وشاركه آرائك لخلق علاقة صداقة قوية فيفهم أحدكما الآخر.
_ حذار أن تفتش أغراضه بعلمه..!
فهذا من شأنه أن يهدم كل عامل ثقة بينكما ويزيد من روح التمرد لديه. وإن كان البحث ضروريا وبداعي الحماية فليكن بحذر ( دون أن يشعر بكونك إخترقت خصوصيته يوما )
**تذكر:-
_بأن كل ما ذكر أعلاه متصل ببعضه وإنه لن يكون الأمر دوما سهلا،وقد يتطلب الصبر وضبط النفس منك،لكن ما ستحصده يستحق كل هذا التعب.
_إن كل تلك النصائح تتأثر إذا ما كان في المنزل أكثر من عائلة، فتدخل الآخرين بطريقة تربيتك لطفلك بصورة مباشرة كانت أم لا..من شأنه أن يهدم كل مجهود.
( إذ إن تعرض الطفل لتعليمات مختلفة في آن واحد سيخلق لديه صراع داخلي وسرعان ما سيتحول هذا الصراع إلى تمرد )
لذا من حق كل أم وأب أن يحصلوا على المساحة الكافية لتنشئة أبنائهم، ليجنوا ثمرة صبرهم في جميل تربيتهم شيئا فشيئا..
*والآن قولي لي هل بعد كل هذا التعب والوعي منك مازال إبنك سيء السلوك؟! هل مازال عنيدا؟!
-
د.أسن محمددكتوراه في التنمية البشرية - كاتبة ومدربة