صائدو الأحلام.. أتوتشا.. إصرار يهزمه النجاح - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

صائدو الأحلام.. أتوتشا.. إصرار يهزمه النجاح

  نشر في 31 ديسمبر 2017  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

النفوس التي تعيش بلا أمل ميتة والأرواح الطموحة تغرق فتأبى إلا أن تقف على برّ الحياة.

 الأمل المبالغ فيه ليس وهمًا, والحياة من أجل ما نعتقد أنه كائن على الوجود هي الطريق إلى تحقيقه. المثابرة وعدم اليأس هما عتاد يكفينا لأن نبلغ ما نريد, سواء كان ذلك آماني صغيرة أو أحلاما كبيرة.

يلزمنا معرفة ما إن كانت قلوبنا مرهونة لتلك الأحلام وهذا كافٍ لأن نقول أنها قد تحققت, فعندما يرتبط وجداننا بشيء لن نهدأ حتى نبلغه, فإن كانت قضية فسنساوم بحياتنا عليها ونربحها, وإن كان حباً سنغدقه بالصدق ونصونه حتى نبلغ قلب المحبوب ونجعله ملكاً لنا ونسكن سويداءه, وإن كان هدفا آخر فسنسعى إليه مهما كان بعيداً عنا , فالنفوس التي تعيش بلا أمل ميتة, والأرواح الطموحة تغرق فتأبى إلا أن تقف على برّ الحياة وقد حققت ضالتها المنشودة فتنجو.

لن نستمر طويلا بدون أهداف, ولن نصل لأهدافنا إن لم نكن شديدي العزم. لم نخلق لنكون عاديين بسطاء الطلب, فتشرق الشمس وتغرب وتعيد شروقها ونحن سجناء ذواتنا مقيدين بالخوف والرهبة من أن نتذوق لذة العيش الحقيقية.

لطالما أبهرتني قصة صائد الكنوز ميل فيشر الذي قرأ رواية ’الكنز المفقود’ للكاتب ”روبرت لويس ستيفنسون”، وكان ذلك في طفولته ونما الحلم معه, لم يحتجّ بظروف الحياة حين كبر بل حدد مكان السفينة الإسبانية «نويسترا سنيورا دي اتوتشا» التي غرقت قبالة سواحل فلوريدا وكانت تحمل الكنز, وراح يبحث عنه في رحلة استمرت لخمسة عشر عاما رفقة عائلته وغوّاصيه, كان يردد في كل يوم (اليوم هو اليوم) وجاء يوم نال فيه مبتغاه فوجد كنزه في قاع المحيط بانتظاره.

لو فقد ميل في أحد الأيام الأمل وانتابه الحزن الجرثومي الذي يصيبنا اليوم ويقبع في صدورنا ويفترسنا في أول محاولة تنتهي بالهزيمة لعاد أدراجه وظل الحلم ينازعه فيبقى الكنز صورة في مخيلته حتى يتلفه النسيان, لكن صائد الكنوز تغلب على الفشل ولم يكن ليرضى بأقل من هدفه, لم يفقد شغفه نحو حلمه حتى في نكبة موت ابنه وزوجته بل استمر.

كان ذكيا في التعامل مع معطيات الحياة.

قد تتساءل: أي شخص هذا الذي قضى سنوات من حياته لأجل حلم واحد ربما كان كذبة ربما حقيقة؟ سأجيبك: ميل فيشر كان يتعاطى وصفة روحية للكآبة والأزمات اسمها التفاؤل والأمل, وكان يمتلك إيمانا عميقا ودافعا لن يعيده خطوات للوراء أبدا, هذه الوصفة تجعل الشخص الهش من الداخل صلبا كصخور شاهقة أمام أمواج الحياة, لم تجلب له هذه الأمواج في النهاية سوى الزمرّد وسلاسل الذهب وقضبان الفضة لأنها أدركت أنه شخص لن يغرق في اليأس والعجز.

لن ننام وننتظر أن تتحقق أهدافنا، إن السعي العملي هو ما نحتاجه, والإبداع والتغيير والخروج عن دائرة الاعتياد ومعاكسة الخط الذي رسم لنا, لم تقدم ملايين الدولارات لميل فيشر وعائلته على طبق من ذهب، بل عاشوا عمرا في أحضان الماء والقوارب تتلاعب بهم, تعرضوا لسخرية من أقاربهم وعانوا من ضائقة مالية بسبب ديونهم وخسروا أرواحا في البحر إلى أن وصلوا إلى مسعاهم, من أراد أن يبلغ القمة لن يجد أدراجا مهيأة وسجادة حمراء بل سيتعب وسيفكر في طريقة لبلوغها.

بداخلنا صائد أحلام صغير ينير لنا الطريق ويخبرنا في كل يوم أننا اقتربنا, لنمضي على خطى العظماء, فالإنسان لا يعرف حدوداً ولا مستحيلا ولا قيودا, لنكن نحن بوصلة الحلم حتى لا يتيه عنا في الدروب, ولنعتبر أنفسنا داخل معركة شرسة ونقاتل من أجل ما نريد بكل ما وُهبنا من قوة, فالنجوم في السماء لا تنطفئ والقمر يظهر دوما مضيئا كما اعتدناه, ولنا في السماء رب كريم يأمرنا باتخاذ الأسباب ويأتي كمال الأشياء من عنده, فلماذا نسمح لعثرات الطريق أن توقفنا!


  • 26

   نشر في 31 ديسمبر 2017  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

Dallash منذ 5 سنة
رائعة جدا اختي الفاضلة تحمل الكثير من المعاني السامية..
1
مارية الزروالي
من روعة مرورك أخي الفاضل ...شكرا لك
لمى منذ 6 سنة
مارية، رسالتك سامية، وكأني أحس بالنور يتخلل أرجائها، فيطغى على قُرائها .
أقول ومن غير تردد: من أجمل ما قرأت على الإطلاق، بالتوفيق عزيزتي
4
مارية الزروالي
يسعدني هذا عزيزتي لما ❤ شكرا لك.
بداخلنا صائد أحلام صغير ينير لنا الطريق ويخبرنا في كل يوم أننا اقتربنا (جميل)
4
مارية الزروالي
من جمال مرورك
آلاء بوبلي منذ 6 سنة
شكرا كنت احتاج لمثل هذا الكلام ، مبدعة بالتوفيق .
4
مارية الزروالي
العفو ..جزاك الله خيرا ووفقك كذالك
وها انا اقرأئها للمرة الثانية وكأنها جرعة احتاجها كلام رائع اقرأه وكأنه المره الأولى حتى انني لم اكن ادرك بأنني قد قرأته من قبل بعض المقالات تلامس قلوبنا حتى اننا نشعر وكأننا عشنا معها استثمري كتاباتك الجميلة بأن تجمعينها في كتاب فأنتي حقا مبدعة افتكرت الكتب التي اقرأها عشرات المرات دون ملل او كلل تلك مقالتك كذلك استثمري قلمك لينير الطريق لغيرنا وليكون بمثابة المصباح او الفانوس وليدونه التاريخ فمثل هذه الاقلام تستحق ان تدون ..
6
مارية الزروالي
أسعدني تعليقك يا نجوى لقد منحتني جرعة تشجيع بكلماتك كالجرعة التي أخذتي من مقالتي..وهذا ما أهفو إليه بإذن الله لأفيد وأستفيد .شكرا لك عزيزتي وفقك الله أنت كذالك في مايخطه قلمك.
صحيح، الأمل هو أوكسجين الحياة
3
جميل ماريا استمري بإبداعك كلمات محفزة ومشجعة لامست قلبي شكرا لك
4
مارية الزروالي
العفو يسعدني أنها وصلت لقلبك..دمت بود
كتبت ..فأبدعت .. كلمات في منتهى الجمال ..
4
Ahmed Tolba منذ 6 سنة
النفوس التي تعيش بلا أمل ميتة والأرواح الطموحة تغرق فتأبى إلا أن تقف على برّ الحياة
جمله رائعه
5
Ahmed Tolba منذ 6 سنة
مقال رائع تعرفت فيه على شخص عظيم لم أكن أعرفه من قبل
3
مارية الزروالي
شكرا لك. يسرني ذالك..
Ahmed Tolba
العفو استاذه مارية ومن نجاح لنجاح باذن الله في انتظار المقال القادم
مارية الزروالي
بإذن الله
Salsabil Djaou منذ 6 سنة
فعلا التفاؤل يصنع المعجزات ،يجعلنا اقوى من الظروف،ويجعل اي حلم يتحقق مهما بدا مستحيلا ،ولا يهزم المتفائل ابدا ،لانه ينظر دائما ابعد من الواقع فيقلب صفحة اليأس في كل مرة،كلمات محفزة ،مقال قيم ،بالتوفيق مارية في مقالاتك القادمة.مرحبا بقلمك.
6
مارية الزروالي
شكرا لك عزيزتي سلسبيل ,أسعدني تعليقك راقي,دمت بخير.
كم انت رائعة حينما تمنعين عثرات الطريق ان تقف في الطريق..روعة
3
جميل
3
مارية الزروالي
شكرا لك من جمال مرورك عزيزتي

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا