عمر المكان هو، و ما غيره يستطيع أن يأخذ مكانه، هو سر الوجود و قد يكون الوجود نفسه، نبض الكون هو، لا مستقر له، و لا يمكن أن يملكه أحد، يحي و يميت بدون أن يعير لأي كان فرصة تعليق أو نقد من أي نوع كان. لا يفلت نشوة الانتصار على كل من جازف بحياته أو كل من هيأ له أنه قد يفوز عليه، لأنه لا محال خافق في محاولته. ثم، من منا لم يرقبه عند لحظة أمل أو ساعة يأس؟ و يا له من موقف؟ حالة ،ما بين حدي بداية ونهاية الظرف، و كأنه مطرقة القضاة، على قرعها يأتي الفرج أو الكرب.

فاللزمن مكانة في عين المكان، وقد يرسخ بصدره، فيضحى تاريخا، لا يتأخر عن موعده أبدا، هو حق و استحقاق، ينعته بعضهم بالسيف لحدته، و منهم من قال أنه كالذهب غلوا. إلا أن أقصر سبيل إلى اتخاذ آخر قرار فيه، هي تلك العزيمة السليمة الأولى..فلا يعترف بقدره من أجاز في حقه سهو أو ظن، لأنه قد يقتل من لم ينتبه له على حين غرة. رغم أنه جزء إلى لحظات، الكل فيه محسوب و البعض منه منسوب، فلو لم يكن للزمن وجود. لكي يؤرخ ميلاد الوجود و الموجود به و عليه، لما كان لهيكل المكان قياسا ثابتا. حتى إن جاء الحاضر يكون قد احتفظ لنا ببصمات الأمس على صفحة الآن.

و قد يتنبأ بقدوم الجيل الآتي، لن يجرأ على التخلي عن مهمته ولو أمسى على هذا الحال إلى ما لا نهاية. بحيث أضحت الصيرورة أبدية، و جعلت منه وصيا على ما و من لحق بالركب، ماسكا بخيوط زمام العباد و الأسياد. باسم الحق أقسم على أن يكون عادلا و لو كره الكارهون، كمن طعن في حق وجوده، بابتكار فكرة "الوقت الميت"؟

فالزمن يسجل على تقاسيم الجسد سنون العمر، ونحن من يسجله على صفحات ذكرياتنا. هو جزء لا يتجزأ من مساحة أجسادنا ما دمنا نحن، نحتل قسطا من عمر المكان، فلا يمكن أن نزعم على أنه يوجد مكان حقيقي، بدون أن نتمكن من تقسيم الزمن الممكن تدريجيا إلى لحظات متساوية منه على مساحة معينة ما.