المقامة التعبدية
بوجمعة الميموني
نشر في 17 يونيو 2018 وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .
حكى ميمون الأزورزي قال:
[حدثني عاقل بن فاضل قال : ...ذات يوم، تملكني الخشوع وتمام الخضوع، فشمرت عن ساعد الجد، واستعذت بالله من الند.. ثم قصدت المسجد لأتعبد وأتهجد.
وبينما أنا على حالي، أتأمل أحوالي.. إذ أقبل علي شيخ غريب يقول:《يالازم المحراب.. لم هجرت الأصحاب والطعام والشراب؟! 》قلت له:《من أنت؟!》أجاب:《عابد بن جهبذ》قلت:《اسم غريب وقول عجيب!》قال:《اسمع أيها الأخ المتعبد.. مالك متردد؟! كل من أراد السعادة، لا يدمن العبادة!》تعجبت من كلامه، فقلت:《أليست العبادة سبيل السعادة؟!》أجاب اللعين:《أيها المسكين، ليس إلى هذا الحد، فاسمع مني الرد. إياك أن تفعل مثلي.. فتهمل الأهل والحشم، وتهجر التجارة والدرهم! فلو أنك اعتكفت دهرا، لتيقنت أمرا: لن ينفعك إلا المال، ولن يعضدك سوى العيال!》.
استغربت كثيرا من هذا الناصح، وقوله الفاضح! فتيقنت أنه إبليس اللعين، واعتصمت بالرب المعين.
بعد الاستعاذة، عدت للعبادة.. ثم سمعت هاتفا يقول:
أيها الناسك المتعبد● لا تسمع لكل جهبذ!
انزع أقنعة الرياء●وارتع في جنة الصفاء
اكبح هواك بالحبس●فالغنى، غنى النفس
وكن صادق الكلام ● ينصرك رب الأنام
الزم طرق الهداية ● لا تسمع كل دعاية
اشكر نعم الوهاب ● في الهرم والشباب
فكلها محض فضل ● من الله ذي الفضل
قال عاقل: فحمدت الله على الإجابة، وسألته مزيدا من الإنابة.》]•
-
بوجمعۃ الميمونيأستاذ، كاتب مقالات وخواطر. مهتم بالأدب العربي والفرنسي.