عنكبوت - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

عنكبوت

عنكبوت

  نشر في 25 شتنبر 2018  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

أطلتْ الشمسُ كملكةٍ، و تطلعتْ إليها العيونُ عالياً حيثُ عرشهُا السماء، و أدخلتْ يدها في جيبها و أخرجتْ لآليءَ و دنانيرَ من ذهبٍ و نثرتهم عطايا من العلياء، رفعتْ الشجرةُ أغصانها و فتحتْ قلوبَ أورقها تستقبلُ هدايا ملكةِ النورِ لتبدأَ يومها ،و قدْ تشرفتْ و تزينتْ بالبهاء. لمعتْ من وسطِ صخبِ رفيفِ الشجرةِ الفرحةِ بالصبحِ … خيطانٌ بدأتْ تأسرُ بعض من فرحِها و تمنعها فجأةً عن الحركةِ و النداء. و إذ بعنكبوتٍ قدْ بدأَ ينسجُ نجمةً ذهبيةً على طريقتهِ الخاصةِ، و لا زالتْ خيطانهُ الذهبيةُ تتسللُ خلسةً تأسُرالأغصانَ الرفيعةِ و الأوراقَ الغضةِ خلفَ قضبانِ شبكتهِ . تعاطفتُ كثيراً مع الأورقِ و الأغصانِ، و بدأَ القلقُ و الأسفُ يملؤني لِما آلتْ إليه سمفونيةِ الشجرة ِالفرحةِ كما لو كانتْ عروسٌ قدْ أعدتْ لحفلِها كلَ ما يبهجُ، و إذْ بطاريءٍ بغيضٍ ينغصُ فرحها . و لكنَ ذلكَ العنكبوتِ النشيطِ الذي أخذَ يدورُ بينَ الخيوطِ برشاقةٍ أنيقةٍ ودقيقةٍ بدأَ يسلبُ انتباهي و يستحوذُ على إعجابي . بدأتْ الخيوطُ الذهبيةُ المتأرجحةُ معْ كلِ نسمةٍ تتراقصُ تعكسُ أنواراً كأنها رسائلُ غراميةٌ لحبيبٍ غائبٍ أوأشاراتٌ ضوئيةٌ لعابرٍ سبيلٍ ضلَ الطريقَ. كنتُ أنتظرُ أنْ ينتهي العنكبوتُ من نسجهِ و قد غشاني الإنبهارَ و نسيتُ أين كنتُ ذاهبةً ذلك النهارَ، و لكنه لم يتوقفْ يُنَقِّلُ قدميهِ الرفيعتين من خيطٍ لخيطٍ و يقفزُ حيناً آخرَ ليشبكَ خيطاً بآخر ،و لستْ أدري لم تذكرتُ راقصةَ الباليه النحيفةِ الرشيقةِ و هي تعلو حيناً و تهبطُ حيناً كالفراشة . أنعشتني تلكَ النسمةَ الباردةَ و الريحَ الخفيفةَ التي أثارتْ شجونَ الشجرةِ فدقتْ الأوراقُ الدفوفَ، و أهتزتْ الأغصانُ تتمايلُ على وقعِ الموسيقى ،و منْ على جانبي طارَ غصنٌ جافٌ رفيعُ صغير -ودعه الشبابُ و ألقى بهِ الصيفُ على الأرضِ- طارَ على جناحِ النسمةِ المسافرةِ، و قدْ أسكرتهُ نشوى الحفلِ الغنائي ليعانقَ الشجرةِ و أوراقها يودعها الوداعَ الأخير، و لكنْ بوصلتهُ الهرمةَ رمتهُ في أحضانِ بيتِ العنكبوت. زفرتُ الآهَ كسهمٍ اخترق ضلوعي و أصابَ قلبي بالوجعِ… لست أدري أخوفأ على النجمةِ الذهبيةِ الجميلةِ التي زينتْ صدرَ الشجرة؟ أم خشيتُ من غضبةِ العنكبوتِ على الزائِر الغريبِ الغاصب؟

لمحةُ بصرٍ و انهارتْ كلُ مداراتِ النجمةِ الذهبية، و تناثرتْ خيوطُها مع نسمةِ الهواءِ الباردةِ، وعلقتْ في كلِ ناحٍ كسفينةٍ دمرتها عاصفةٌ هوجاءُ، فتناثرتْ أشلاءً على كفةِ اليمِ الصاخب. تسمرتْ عينايَ على العنكبوتِ الذي لم يكفْ للحظةٍ عن العملِ و الحياكة، أيغضبُ ... أم ْيبدأُ بالبكاءِ …… و لكنْ لدهشتي ….. و لأنفاسي التي بدأتْ تهدأُ، قفزَ العنكبوتُ لغصنٍ بعيدٍ .... و بدأ من جديد … بالنسجِ …و بالبناءِ



  • راوية وادي
    كاتبة و رسامة فلسطينية .مدونتها الخاصة علي الإنترنت Rawyaart : (https://rawyaart.com) متفرغة للكتابة و الرسم في الوقت الحالي.
   نشر في 25 شتنبر 2018  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا