أنت قويّ جدًا ربما تتحمل الآلام، وإن لم تفعل لديك ما نطلق عليها مسكنات الألم. ولكن ماذا ستفعل الحيوانات إن شعرت بالألم؟ من الواجب علينا أيضًا فهم آلامهم ومداواتها كلما استطعنا؛ فهم مهمون جدًا لنا؛ إن لم يكن للغذاء أو الترفيه، فللتجارب التي تنهض بالعلم والصحة. ولذلك كيف تشعر الحيوانات بالألم؟
تختلف الحيوانات في ردة فعلها ناحية الألم، فالثدييات مثلًا يتألمون مثلنا، لكن كلما اختلف النوع عنا كثيرًا كلما صعب علينا فهمه، ولكن طالما تتأثر الثدييات مثلنا، هل تتأثر بمسكنات الألم؟ دعك من الأسئلة واتركني أخبرك أن الشعور بالألم عامةً ينقسم إلى عمليتين أساسيتين، الأولى حسيّة والأخرى حركية، كما عرفنا من مقالة قبل الأمس.
في الأولى تشعر المناطق الحسية “الجلد“ بالألم ثم ترسله إلى الحبل الشوكي الذي بدوره ينشِّط الخلايا الحركية والتي تدفعنا للانتفاض سريعًا فنبتعد، أو ببساطة يمكننا وصفها بمرحلة الإدراك، والتي تمر بها كل الحيوانات.
وأما المرحلة الثانية، فهي تلك التي يرسل فيها الحبل الشوكي إشارات ثانية للمخ، وبناء عليه تصبح أكثر وعيًا فتخاف أو تقلق على سبيل المثال. هل تمر بها الحيوانات؟ في حقيقة الأمر لا نعرف ولكن مراقبة سلوك بعض الحيوانات قد يعطينا بعض الدلائل.
فالحيوانات البريّة مثلًا تنعزل وتداوي جراحها بنفسها، كما أنها تصدر أصواتًا لتحذير البقية. وفي المختبر وجد العلماء أن بعض الحيوانات كالدجاج يتناول الأدوية بنفسه للعلاج. ولوحظ بعد ذلك أن الحيوانات تتجنب مواقف الأذى التي تعرضت لها من قبل.
وأما عن الفقاريات واللا فقاريات، فالأبحاث أكدت شعور الأولى بالألم، واختلاف الثانية في شعورها بالمرحلة الثانية منه، حيث أن الاستجابة تعتمد على وجود مخ، واللا فقاريات مخها ضعيف جدًا قد لا يستجيب، ولكن بعض منها كالاخطبوط مثلًا يستجيب؛ فأنت تعرف كيف أنه أكثر الحيوانات اللا فقارية ذكاء. ورغم ذلك وللأسف يؤكل حيًا عند بعض الشعوب.
ونسبةً لما نحن فيه الآن، وموجة السب التي تطول الصين لأكلها الحيوانات الحية، دعني أخبرك أنه لست أنت فقط من تشتكي، بل الحيوانات أيضًا. ويا عزيزي إن كنت تأكل الحيوانات على أي حال، فمن فضلك لا تتركها تتألم.
-
فؤاد ياسر عامرطالب بكلية طب عين شمس، أهتم بالفنون والآداب، كما أؤمن بأن العلم هو الطريق الوحيد نحو التغيير.