الأب مافيش زيه - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الأب مافيش زيه

إيمان محمود فهمي

  نشر في 16 مارس 2018 .

الأب مافيش زيه زي القمر نمشي في ضيه ....ذلك المثل الذي وقع علي مسامعي للمرة الأولي من فيه شقيقة أبي عندما رأتنا أنا وأشقائي نتحلق حول أبي ونبكيه وهو علي فراش الموت الرهيب.....نعم ماأبشعه هذا الموت الذي يسرق منا أغلي الأحباء ...لقد أحسست أنني أري ملك الموت يخفق بجناحيه الرهيبين فوق فراش أبي المُسجي عليه منذ الوهلة الأولي لدخولي الغرفة بعد قرابة الشهر علي تركي للمنزل....أحسست به يترصد أبي ويتحين الفرص ليسرق روحه ليحلق بها بعيدا ......كان لا يشعر بي وكأنه في غيبوبة لا يستفيق منها ....أقتربت منه وبكيت ...نشجت بحرقة ....رأيته يستفيق للحظات قصيرة ليتمتم بكلمات لا أفهمها وكأنه ينهاني عن البكاء....رأيته وهو يصارع ويحشرج ....رأيت كيف تكون هي سكرات الموت ....رأيتها ورأيت شدة وطأتها ...أحسست بالقشعريرة تسري في أوصالي فقد رأيت النهاية المحتومة لكل بنو آدم ...جميعنا سيمر بتلك التجربة المريعة وسوف نلاقي جميعنا ذاك المصير ...جميعنا سنموت... كنانتحلق أنا وأشقائي حوله ما أن يبكي أحدنا حتي ينضم إليه الأخريان في موجة من البكاء ....شعرت بالأختناق من جو الغرفة المُعبق برائحة الموت الثقيلة...أردت أن أتنشق بعض الهواء البارد من نسمات نوفمبر القارصة....كانت الليلة قارصة البرودة ونظرت للسماء كانت ملبدة بالغيوم المصبوغة بالأحمر القاني وخالية من النجوم تماما.....وكأن الليلة تنعي أبي مقدما .....أحسست بالأكتئاب وبكيت ملئ جفوني.....ذهبت للنوم لم أحلم تلك الليلة وأستيقظت فزعة علي وقع خطوات سريعة متخبطة ....كان أذان الفجر يؤذَن.....خرجت من الغرفة مسرعة فوجدت شقيقتي تسرع سألتها ماذا حدث قالت أبيكِ أسلم الروح لبارئها ....نزلت مسرعة ودلفت غرفة أبي .....وجدته مُسجي بلا حراك علي الفراش وشقيقي بجانبه يحضره ....لم أصدق ماأري بأم عيني .....أبي توفي ...لا أصدق ....بكيت وبكيت وليت البكاء يعيد الأحباء......ظللنا حوله لساعات نبكيه حتي خُيل لي أنه يتنفس ....خُيل لي أن الشرشف الذي نضعه عليه يصعد ويهبط أخبرت شقيقي بما أري وكذلك شقيقتي رأت مارأيت ...فرفع أخي الشرشف عن جسده الحبيب ....ولكن بلا فائدة فقد كان ميتا ....ما إن رأينا وجهه الشاحب حتي أنخرطنا في البكاء والنسيج .....ليته البكاء يعيده إلينا ...ليته يرفع ذلك الشرشف عنه ويحتضننا أنا وأخوتي......وجاء المُغسل وتركت الغرفة ....ظللت بجانب الغرفة لا أريد أن أبتعد عن أبي .......حتي وجدت أحدهم قد أدخل التابوت الذي سوف يشيع فيه إلي مثواه الأخير...ورأيت الرجال قد أخرجوه من الغرفة وهو في لحده مُكفن بالابيض ويضعوه في تلك الخشبه الباردة ......صرخت وبكيت وصرخت شقيقة أبي .......وظلت تصرخ وتصرخ وتعدد مناقبه .....أعرف أنها أقوى من أي رجل علي التحمل ..فقد وضعت ثلاثة من فلذات كبدها من قبله في المقابر وهم مازالوا في ريعان الشباب.......وذهبوا بأبي إلي غير رجعة.....لن يعود مرة أخري .....لن تراه ثانية ......لن يدخل المنزل وهو يحمل الفاكهة .....لن يحمل طفلي ويطوف به الشوارع والأزقة...... كلمات المعزين ماأسخفها ....ليس لها داعٍ لن تخفف من وطأة الحزن ولن تنسيني فاجعتي......ذهبت إلي فراشي في وقت متأخر كانت ليلة قارصة البرودة حقا ضممت الدثار إلي ألتمس الدفء فتذكرت أن أبي يرقد الآن وحيدا في تلك الحفرة الباردة المُتربة الحالكة السواد وحيدا وأنا أنام في ذلك الفراش الدافيء الوثير ..فبكيت وبكيت حتي أنهكني التعب ونمت بلا أحلام .......فبالأمس خالي واليوم أبي وفي الغد يذهب عزيز آخر إن لم يكن أنا



   نشر في 16 مارس 2018 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا