أصل الأم طفلة، تكبر في حضن أمٍّ أولى لتصير أمًّا ثانيةً تحمل الكون الكبير في طفلها الصغير منذ ان تزرع البذرة الاولى في أحشائها حتى تبدأ مسيرة الالف ميل ،تنشأ قصة حب عظيمة ،شيء ما يتغير بداخلها ،كأنما يوقد شعور خفي غير مفهوم لكنه رائع،كانه يخرج اجمل ما فيها و ارق ما فيها يتحول العالم الكبير الى عالم ملائكي مصغر كل شيء فيه جميل، فيصبح الطفل بطل العالم المغيار ، ذلك البطل الصغير الذي سيغير العالم بأسره وكانه شخصية منتظرة ،ترى من خلاله ما لم تحققه و كانه فرصتها لتعيش من جديد فرصة لتدارك كل الاخطاء ترى من خلال عينيه كل أمالها واحلامها ترى من خلالهما الغد و المستقبل ويمنحها في المقابل بطاقة الانتقال من عالمها الضخم و المكتظ الى عالمه المليء بالرقة والبراءة و الجمال، فقط بضحكة منه قد يتغير مزاج يوم بأكمله وكانه جرعة الدوبامين ، فترتسم على شفتيها ابتسامة جذابة لا تفارق وجنتيها
تبدأ فصول الحكاية ما أن تطأ الأم قدمها مدرسة الأمومة ، من رحم معاناتها ينشأ حب دفين قد زرع بقدرة قادر وعطف وحنان لا مثيل لهما ، فتغوص الام في أعماق نفسها لتفهم مراحل نمو طفلها ، فتحضنه بقلبها ليحضنها بروحه الطاهرة وهي هائمة هداءه تحلق بضحكات البراءة الى فضآت رحبة من الحب والامل تحملها روح طفلها على اجنحة الطهر والنقاء ،فتبحت وتسأل من حولها كأنها تحضر لامتحان سيغير مجرى حياتها؛ تستفسر عن اكله وشربه ولبسه وتتحدث عنه كانه بطل قصتها فتهيم في ادق تفاصيله
تمر الأيام و السنين، تكبر و يكبر معها الحلم الجميل. يعينها ابنها أن على تتعلم وتنضج تتعلم كل يوم بمقدارعطاءها وتفانيها ؛ تبدأ في نحث تمثالها من خلال ابداعاتها اليومية وعطآتها الامتناهية أكلات ذات طعم فريد ثياب نظيفة ، حياكتها لملابسه الممزقة، فرحها يوم نجاح إبنها ، وقدرتها على احتوائه وامتصاص غضبه ، تدريسها له غرسها فيه للقيم و الاخلاق قد تقسو عليه احيانا فتكون القسوة سرَّ أمومتها وذروة حبِّها له،
تمضي وهي تتعلم أننا نكبر بقدر ما تكبر فينا معاني العطاء والسعي للأفضل، ، تكبر و تتعلم – بملاحظة الطفل – السنن الكونية قدرة المبدع في خلقه فتفهم وتنضج ويعلو قدرها وتسمو مكانتها .
ستظل الام تلك اللفظة الواسعة التي تجمع بين الألف والميم والتي تحمل في طياتها الحنان الوفير والعطاء اللامحدود والحب الامشروط ، و المسؤولية الصلبة ستظل تتجرع من الحياة لتكون نبع العطاء ، ستظل الذكرى الحية ، و الشمس التي تنير الدروب فتبارك الذي جعل برها جنة “وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا''