الهجر هو الترك والاهمال ، وهجر الشيء الاعراض عنه ، وعلاقة المسلمون اليوم بقرآنهم قد اصابها من الفتور ما يبعث القلق ، والعالم الاسلامي اليوم مشغول بخلافاته المفتعلة ، وبمتابعه منتجات حضارة الغرب ، وبما يتعرض له من غزو فكري مكثف بسبب تجافيهم لتعاليم دينهم ، فحصل ما شغلهم وصرفهم عن العمل بالقران والرجوع اليه في كل شئونهم ، ومتي ما اعرضوا عن هذا الدستور العظيم فان الله تعالى قد توعدهم بان محمداً صلى الله عليه وسلم سيشكوهم اليه يوم القيامة بأنه بلغهم القران الا انهم نبذوه وراء ظهورهم وجعلوه شيئاً ثانويا يفتتح به الحفلات ، ويتلى في المأتم ، ويوضع للزينة في المكاتب والسيارات ، وأما الاحكام فقد استبدلوا به دساتير وأنظمة من وضع البشر ، لا تمت بنودها الى القران بصلة وهذا عين الهجران والامتهان يقول الله تبارك وتعالى ( وَقَالَ ٱلرَّسُولُ يَٰرَبِّ إِنَّ قَوْمِى ٱتَّخَذُواْ هَٰذَا ٱلْقُرْءَانَ مَهْجُورًا) 30 الفرقان ، وقال ابن الجوزي رحمه الله تعالى في تفسير زاد المسير على هذه الآية : عند كثير من العلماء انه يقوله يوم القيامة . أ هـ

وقال القرطبي في تفسيره لهذه الاية : قيل ان الرسول يوم القيامة يقول : ( وَقَالَ ٱلرَّسُولُ يَٰرَبِّ إِنَّ قَوْمِى ٱتَّخَذُواْ هَٰذَا ٱلْقُرْءَانَ مَهْجُورًا ) 30 الفرقان ، اي هجروا القران وهجروني وكذبوني، وقال انس قال الني صلى الله عليه وسلم ( من تعلم القران وعلّق مصحفه لم يتعاهده ولم ينظر فيه جاء يوم القيامة متعلقا به يقول يا رب العالمين ان عبدك هذا اتخذني مهجورا فاقض بيني وبينه . اهـ ( الجامع لأحكام القران ج13 ص 28 )

قال ابن القيم رحمه الله : هجر القران أنواع : احدهما هجر سماعه والايمان به والاصغاء اليه ، والثاني هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه وان قرأه وآمن به ، والثالث هجر تحكيمه والتحاكم اليه في اصول الدين وفروعه ، واعتقاد انه لا يفيد اليقين ، وان ادلته لفظية لا يحصل بها العلم ، والرابع هجر تدبره وتفهه ، ومعرفة ما اراد المتكلم به منه ، والخامس هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع امراض القلوب وادوائها فيطلب شفاء دائه من غيره ، ويهجر التداوي به . اهـ

وهكذا تتضح الفجوة بين المسلمين وقرآنهم مصدر العزو التمكين ، فلا نصر ولا قوة ولا العيش الرغيد للعرب والمسلمين الا بالاعتصام بحبل الله المتين وهو القران الكريم .

اللهم ردنا الى جنابك ، وارزقنا العمل بكتابك ، لنفوز برضاك وثوابك .