وقفت دامعة باكية صا رخة بأعلى صوتها، لتدافع عنه أمام جميع الناس من حولها،
الجميع ينظر اليها نظرة فاحصة بعيون ثاقبة تخترق ملابسها ولحمها وعظامها لتتغلغل داخل أغوارها في محاولة لفتح سراديب ذاتها المبهمة، وهي تلف ذراعيها في محاولة منها لإحتضان نفسها بنفسها، كأنها تحميها من تلك العيون المتلصصة وتلك القوى التي تتجه إليها صارخة في كل من حولها :
اتركوه …لاتسرقوه… لاتخنقوه…لم يعد لى سواه، لما تريدوا سلبه أو قتله ؟ ليس كثيرا علي إمتلاكه! فليس لي غيره بديلا!
لماذا أنتم هكذا قساه، ساديين المشاعر، متلذذين بعذاباتى وتستبيحوا دمائى !
آكل هذا لأننى أتمسك به وآابى آلا اتركه كما يأبى الغريق ألا يترك سترة نجاته ؟
آلا تعلمون اننى أحيا به ومن أجله ؟
آلا تعلمون اننى معه أحلق فى أفاق واسعة التقي فيها ذاتى التائهة مني ؟
آلا تدرون اننى به انتظر غدى فى شوق ، حتى أراه بعينى على أرض واقعي
.
عندئذ بدات أيادى بأذرع طويلة تمتد اليها فى شبه دائرة حولها، وكلمت اقتربت الأذرع منها كلما زاد احتضانها لنفسها أكثر وأكثر ، طابقة على كتفيها المرتعشتين، حتى باتت تبدو كجسدا أسطوانيا بلا ذراعين...
وخرجت من حلقها حشرجة آلم وصرخة أنين مدوية :
لا.... لا تجرمونى، فما فعلت محرمات ولا مجرمات..لا تحكموا عليه وعلى بالأعدام
لا تخنقوه داخلى..اتركوه يعيش فى خيالى، اتركوه ينبض داخل ضلوعي كي استشعر وجوده ووجودي.
اتركوه يزورنى فى يقظتي ومنامه ولا تضنوا علي بالبقاء معه فى يومي ثواني .
اتركوه ،فهو فقط القادر على انقاذي من انتحاري أو جنوني .
اتركوا حلمى ولا تستكثرونه علي، فهو مازال طفلا بريئا يحبو داخلى، ولم ينضج بعد ليحقق واقع رجولته ، اتركوه يترك زمن الحبو ويبلغ زمن السير والإقدام لينمو بسلام .. اتركوه ينضج ويكبر ويصبح حلما ولادا لأحلام …
اتركوا حلمى يصبح واقعا ولا تخنقوه وهو مازال بعد طفلا يلتمس الخطى التماسا
اتركوه لعله يوما يتجلى واقعا حيا فيستعيد بقايا ذاتى التى أدمتها القسوة والظلم والطغيان .
سامية فريد
-
سامية فريدسامية فريد كاتبه ..صحافية ومدونة .. اعشق الكتابة واتنفسها ولا يهمني تصنيف بصمات قلمي … المهم كتابة ما استشعره ومايحمله من صدق وشفافية.