لطالما ءامنت أن الله لم يخلق شيئاً هباءً أبداً , وأن كل شئ خلقه الله بقدر .
ءامنتُ بأن وراء كل خلق الله رسالة ..
أن الكون كله رسالة , رسالة لهذا الشريد التائه بأرضٍ قلوب الناس فيها كالحجر بل هي أشد .
قلوبٌ تحمل في طيّاتها عتمة , لا نجم فيها ولا قمر
لربما تُلقيني الدنيا بين فصولها الأربعة والعجب العُجاب لدنياي التي لا تترتب فصولها أبداً فصباحها الشتوي قد ينتهي بربيع ومسائها الخريفي قد يصبح بصيف وصيفها قد يصطدم بربيعها يميل تارة لشتائها .. صدقني لم أفهمها لتفهمها ..
ءامنت أن الرسالات وُّزَِعت عدلاً بقدر تحمُّلنا والشغف الذي وُلدنا به .. حتي الشعاع الخافت فيه مُقلتنيا خُلق برسالة .ويكأننا بريد سماوي يسير علي الأرض , نحمل في طيّاتنا رسالات للأخرين الساكنين الكوكب حتي النائين علي أطرافٍ مجهولة لا يعلمها سواه له في الوصل بيننا وبينهم حيلة , سبحان مَن حيله أعجزت أصحاب الحيل .
حتي النفوس التي ما بين شهقة وزفرة تُفارقنا خلق الله تلك الثواني عِبر .
خلق الشمس لتُشرق الأرض بنور ربها , وخلق السماء لتكون أرض اللاجئين من عتمة قلوب أهل الأرض وظلمهم .. لتكون ملجئاَ لمن لم يجد بقلوب الناس ملجأ بل مرفئاً لمن أبحرت سفينتهم سنين شاردة تتخبط بين موجٍ وصخر لا مرفأ لها ..
أما القمر فهو لأصحاب السنين العجاف الذي يتشربون الصبر حتي تقوي ظهورهم علي المقاومة , أولئك الذين خلق الله لهم أرواحاُ وحيدة لا تشكو إلا إليه ولا تبكي إلا في ملاذها إليه ولا تذَق طعم الأُنس إلا به , أولئك الذي خُلقوا ليتذوقوا الليل جُرعاتٍ ما بين وحشة وأملٍ ووصل , أولئك الذين يمتلأون بعزة النفس فلا مطلب يُغني نفوسهم ولا وصلٍ لبشر يُشبع وحشتهم . أولئك الذين تعجز ألسنتهم عن القصص لأقوامٍ لا تفقه لُغة الأنقياء فتُرسم مآسيهم في عينين تُلاحق حروف البوح تُخفيها ولكن لا تُخفي العيون سراً وإن أخفت .
أولئك الساهرين بلا منبهات ولا أفيون قهوة بل تضجُّ مضاجعهم حكاياهم .
خُلق للذين حُمّلوا بكل ألوان المشقة وما انهزموا يوماً بل إختاروا البلوغ أو الموت علي الطريق , أولئك الذين أرسلهم الله بكل بريدٍ مُنتظر .. أولئك الذين هم بمثابة المهديّ في كل عصرٍ وزمن .
أولئك الذين أُستُغني عنهم وجُرحت قلوبهم وأبقوا علي الخلق فيها ليُبقوا علي صلاح مضغتهم . أولئك الذين خُلقوا ليعودوا إلي الله بقلبٍ سليم .
لأجل ذلك خلق الله ذاك القريب البعيد الوحيد الفريد الصابر وما اشتكي يوماً , المقاوم حتي ف أعتم دياجير الظلام . الساكن كَبد السماء , صاحب مراسيل العُشَاق وأصحاب الرجاء في الوصل وأصحاب الأحلام المُعلُقة , المستحيلة الممكنة .
لم يُخلق هذا الرسول إلا بقدر
لأجل ذلك خلق الله القمر ...