في وداع العـــراب..بقلمي: إيمــــان فايد
في وداع العـــراب..بقلمي: إيمــــان فايد
نشر في 12 أبريل 2018 .
في وداع العـــراب..
لقد كانت التاسعة والنصف مساء .. في يوم قدر له بأن يكون الإثنين الثاني من أبريل لعام2018..حينما اجتاحت موجة تناقلت خبر وفاة الكاتب الروائي والطبيب المصري الدكتور أحمد خالد توفيق..
دقائق تلاشت تلو بعضها ..بين نفي وتأكيد ..وضربات قلبك تعلو وتهبط..وتتمني بأن يكون ذلك الخبر أقرب إلي الكذب منه إلي الحقيقة..
وفي تلك اللحظة.. إن العقل قد يرفض الحقيقة و يقدس الكذب..ولكنها كانت الحقيقة..!
ومثلي مثل هؤلاء ممن يعرفونه..كيف ألا يغمرنا حزنا عميقا وتنذرف دموعنا رغما..وتبكي وقد لا تفعلها أشد المواقف بك..
ولكن..ما الذي قد يجعلنا نحزن لأجل هؤلاء دون غيرهم ..؟!
لابد أن أحدهم قد ترك بصمات بدواخلنا..ولما كان أغلب قراءه من الشباب فلا تكاد تجد أحدا لن يحزن عليه..
وقد شرفت أنا وزملائي بكوننا طلابه هذا العام..وقد تلقينا إحدي محاضراته كونه أستاذا بقسم طب المناطق الحارة والحميات بكلية طب طنطا..
أذكر ذلك اليوم جيدا..إنه في ديسمبر الماضي..حينما تجمع زملائي من جميع القاعات كي يحضروا له..
أتذكر بأنه قد بدأ المحاضرة بصمت تام ..دون أي كلام وسط الهمهمات إلي أن عم الصمت المكان ..والكل بدأ يترقب كلماته..
كان شخصية هادئة يخيم عليها الصمت قليلا..كنت أري خلف هذا الهدوء التعمق كله والتأمل..وقليل من الحزن الغير مبرر..
هو كذلك بدا غامضا ..ولكن مع بدء المحاضرة أخد يمرح مع طلابه ويلقي بعض من فكاهاته تلك التي اعتدناها في رواياته..
لقد رأيت فيه بساطة وتواضعا..كما كان بشوشا وأكثر قربا إلي طلابه..هو كذلك لا يرد أحدا ..وقد كانت له إبتسامة مميزة لمن يعرف منهم ولمن لا يعرف..
وكان الطبيب لطيفا في معاملته..ولكن المرض لم يكن كذلك ..مثله ممن ينطبق عليه قول الإمام الشافعي..قل للطبيب وقد تخطفته يد الردي..يا شافي الأمراض من أرداك..!
لقد إلتقيته مرتين ..وسأفخر دائما بأني جلست يوما طالبة أمام تلك القامة العلمية والأدبية ..والتي يوقرها الجميع..
وفي كتاباته.. تكاد تحس أملا ممزوجا بألوان من السخرية ..وتلك السخرية كان يشوبها الفكاهة أحيانا..
ولكن ..الواقع يميل أيضا إلي السخرية التي لا تخلو من الأمل أبدا...
وهنالك أيضا بعض الخيال الذي قد ينتقد ذلك الواقع..ويكون الخيال أحيانا أقدر علي وصف الواقع أكثر من أي شئ آخر..
أؤمن بأن لكل كاتب صورة من حياته لابد و أن تنطبع في كلماته ..إنها تتسلل دون دراية منه وتنعكس في وقع كلماته علي أوراقه..
ولابد أن أغلب تلك المشاعر صادقة ..ولربما تصادف تلك الكلمات وقعا عند أحدهم قد مر بتلك الحالة التي قد مر بها الكاتب..فتتجاذبه الكلمات ..فتحس كأنما يخاطبك وحدك ..يصفك أنت.. يناجي شعورا داخلك .. فكأنما تقرأ نفسك علي أوراقه..هكذا كان يفعل بقراءه..
ومن مقولاته..(سوف تعبر إلي الجانب الآخر وسوف ينساك الجميع.. ) ولكن..كيف يمكن لمثله أن ينسوا ولكل منهم أصابع ستشير إليهم دائما في غيابهم ..ككلماتهم ...
ومن تلك الكلمات التي لن تنسي كصاحبها ..(ما أهون الموت حينما يكون خبرا في مجلة أو سطرا في حكم محكمة.. )
ولكننا الآن نقرأ خبر وفاته بكل صدمة وأسي..ورحل بعد أن كان له أثرا في كثير من الشباب..فنكست الروايات أعلامها ..وقد أعلنت الكتب حدادها..
ذلك يذكرك بقول أمل دنقل حينما قال..كل الأحبة يرتحلون فترحل عن العين ألفة هذا الوطن شيئا فشيئا..
و حسبنا الآن وداعا في عالم الكلام واللقاء ..ولكنه ليس بوداع في عالم الأوراق..فعزاؤنا الوحيد تلك الكتب التي تتناثر هنا وهناك ..وستظل خير شاهد علي صاحبها وذكري خالدة كإسمه .. عطرة لن تموت أبدا ..
جفف دموعك.. وقل وداعا أيها الغريب..كانت إقامتك قصيرة لكنها كانت رائعة.. وداعا العراب....
بقلمي: إيمــــان فايد
الإثنين:2 أبريل 2018
-
Eman Fayed5Th Year Medical Student..Faculty Of Medicine ..Tanta University..Egypt writtting..reading❤️❤️ Article Writter..veto gate..