منارة المسبحة ـ قصة قصيرة أحمد الخالد
منارة المسبحة ـ قصة قصيرة : أحمد الخالد
نشر في 10 شتنبر 2017 .
ألفُ إخلاص تحملين في جوفك يا أنتِ ، تمررين الليالي كمسبحة أبيك كل حبة بوجه و كل ليلة بصفة ...
العابدة الحافظة الفاجرة الشائكة الناحلة النافلة و العاهرة .. وحدها العاهرة تظل منارة المسبحة و كل في فلكها يدور ..
العابدة .. أشهد انك تطيلين السجود ليلا في كف الله .. و تحفظين قرآنه و ترتلين آياته و تسبحينه صوما دوريا .
الحافظة .. أشهد أنك لم تفرطي و لم تتجاوزي حدا طوال عمرك
الفاجرة .. صفتك في عيون الأهل .. لأنك ترتدين الرجال واحدا تلو الأخر .. دون كلل أو استشارة . يكفي أبوك أن يعرف زوجك الجديد .. كم مرة دخلت عليه خلوته لتعلميه زواجك ؟!
ـ حقا ما عدت أعرف كم مرة .. له الحق !
العاهرة ... مئذنة المسبحة .. صفتك في عينك .. رغم أنك ما هنت و لا أهنت و لا وهنت أمام رغبات رجالك !
2
أقول صدقا أنني أفر من صفتي أمام عيني فراري من الأسد ..
و لا أعرف لماذا تصر نفسي أن تقدمني لي كعاهرة ؟
لم أبع جسدي لأحد و إن تقدم العديد للشراء في ليال كنت أصرخ فيها :
- من يشتري ورد جسدي ببضع زخات من دفء ؟!
الرجال كذئاب تشم فريستها على بعد فراسخ .. يقرؤون نداء جسدي الناحل فيتوالون ؛ كل يعرض بضاعته .. و كنت أتأبى
أقفز فوق اللحظة و أراني بعدها مكومة أتوارى خجلا من نفسي .. أشم رائحة وردي المباع نتنا ؛ و أهرب مني إلى كف الله فتلفظني .. فآوى لكهف رشدي ... أو أتزوج !
هل أراني عاهرة لأنني أبيع جسدي بهذا الأسلوب في الزواج ؟!
أرفض الزواج الرسمي و أكتفي بالعرفي مكتمل الأركان حتى لا أفقد معاش الولدين ؟! بالطبع لا .. فليس في الحفاظ على دخل ثابت للولدين ما يضير لا دينيا و لا أخلاقيا ..
أعاهرة تراني نفسي و ترددها على سمعي كل ليلة كلما آويت فراشي أو اختليت بنفسي لأنني أسلك سلوك الرجال و أتقدم بخطبة من أريد ما دمت رغبته ؟!
أي عهر في هذا ؟!
العهر هو أن أكون أفعى تلتف حول فريستها حتى تصرخ الفريسة بما تريد الأفعى ؟!
أنا لست أفعى .. انا امرأة واضحة تماما .. أحتاج رجلا فأعلنه و أمنحه فرصة التفكير و انتظر رده ..
أعاهرة لأن كل من عرضت عليهم الزواج وافقوا ؟!
أم أن مرآة نفسي تراني عاهرة لأنني لم أوفق في الاستمرار مع أي زوج منهم ؟!
3
قررت الليلة أن اواجه و ألا استسلم للفرار .. لن أقضي الليل بين يدي الله أسأله أن تكف نفسي عن إيذائي .. كم ليلة أطلت السجود باكية و ما أن أفرغ حتى أراها تبسم في غنج امرأة ليل! تأتي بأصوات فم مقززة و هي تردد :
- و لو ما زلت عاهرة!!
................
الليلة ــ كما كل ليلة ــ سأقاضيها و أطالبها بتقديم الحجة ،
و إلا فلتصمت عني للأبد !
-
أحمد الخالدقاص وروائي مصر ي