لا تبْحثوا عَنِّي بَيْن اَلحُروف، لا تُفتِّشوا بَيْن جُمَلِي المليئةِ بِأسْراري لَتتصيَّدوا نواياكم، لا تُسيئوا الظَّنَّ بِي ولا تتوقَّعوا مِنِّي شيْئًا، فَأنَا أُحيكُ مِن الخُذْلان شَراسَةً كَلبُؤةٍ تَجلِس فِي عَرينِها مُقْبِلةً على الأحْلام؛ فَفِي الأحْلام . . . لا كَذِب، لا نِهايَات، لا ضَيَاع، لا وداع، ولا خسارَات .

فَأنَا امرأَةٌ أَمتَلكُ منَ الخَجَلِ مَا يترسَّبُ في عُمقِ مخدَع الغُيوم ، وَمن الجُرْأةِ مَا يرتمِي حدَّ مواقع النُّجوم، أَتَّسِمُ بَمادِئ رَاسِخةً رُسُوخَ الجبَالِ بَاطِنَ الأرْض، إِنْ غَضِبْت تَرانِي كبرْكَانٍ هَائِجٍ يُمْطِرُ بِحممٍ قَاتِلةٍ لَو ابتُغِيَ إِثارة اسْتيائِي؛ حَتَّى يُعتَقَد أَنَّنِي بِلا مَشاعِر، بِلا أَحاسِيس، بِلا عَواطِف . . .

وإنَّ لِي قلْبًا لَيّنًا وَصارِمًا فِي ذاتِ الوقْتِ، إنْ لُمِسَتْ سَكِيْنَتَهُ أَنَار الأجواءَ بِصنْدوقٍ سَاحِرٍ مليءٍ بِالْجنونِ والْفُكاهةِ، أَعشَق التَّفاصيل الصَّغيرة، أَهوَى الرَّقْص والضَّحك بِصَوتٍ مُرْتَفِعٍ ولا أَفرِّط بِمن وقفَ مَعِي فِي المواقف الصَّعْبة .

لَم أُحَاوِل يوْمًا أنْ أَثبت أَنَّنِي الأفْضل فَأنَا لَسْتُ الأفْضل .

ولم أُحَاوِل أن أَثبَت أَنَّنِي الأذْكى فَلسْتُ الأذْكى .

لَسْت مُدْهِشةً ولَا كَامِلة .

" أنَا فقط أَعرِف قَدْرَ نَفسِي جيِّدًا " .

لا أُبَالِي بِالْمواجهةِ إِن اِعْترَضتْ سَبيلِي فَأنَا أُؤْمِن أنَّ الألم والْخسارة أَمرَان لا مَهرَب مِنْهمَا، لِذَا عليْنَا أن نُقْلِع عن مُحَاولَة مُقاومتهمَا لِنتوَقَّف مِن البحْث عن فِرْدوْسنَا فِي الحيَاة .

لَقد أَخفَضت معاييري تمامًا وَأَيقَنْت أَننَا مُفْتقرون لِصدمَاتٍ تصْفعنَا بِشدَّةٍ لِتعيدَ تَرتِيب طِيبتِنَا .

لستُ مَعصُومَةً عن الخَطأ؛ إلا أنَّني أتعلَّم من أخطَائِي مَا يَردَعنِي عُمرًا كامِلاً .

لَقد اعْتدْتُ أن أَرتَدي فَساتِين الكبْرياء عن أيِّ كَلمَةٍ تُغضب خَالقِي، أَتجَنَّب الممنوع وَأؤمِن أنَّ أفْعالنَا كنسيجٍ مُتَرابِطٍ مَا إِن تَدُس فِيه خُيُوط مُحَرَّمَة لِتجنِي بعْدهَا ألمًا هائلًا يُدْمِي هناءك .

لا تُغْريني الكلماتُ المعْسولةُ ولا المظاهرُ البرَّاقة، لا أَقبَل بِانْتصارٍ يُؤْذِي غَيرِي، ولا بِفَوزٍ يُدْمِي سِنيني، ولا بِنصيبٍ يُسيلُ مَدمَعِي، ولا بِصديقٍ يُرْضِيه مَصرَعِي .

أَنَامُ وَحَالُ قَلبِي يَسأَل اَللَّه الثَّبَات، أسْتيْقظُ وَحَالُ رُوحي تَسأَل اَلله الاسْتقامة . . لَسْت حجرًا !

لَكِن بِي صَلابَةٌ عَتِيقَةٌ تُصيبني بِشَكلٍ مُوسيقِيٍّ، كأنَّمَا مَعزُوفة مُحَاطَة بِي على رُؤوسِهَا لَيْلٌ طويلٌ أرى مِن خِلَال ظلمتْه نُورًا مُتشقِّقًا ، وخلاصًا ساحرًا مَنْبَعه الثقَة بِالله .