"القراءة وحدها لا تكفي"
لا يوجد
نشر في 08 يوليوز 2016 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
لم يكن الأمر يستهوي" تيم" بتاتا ليبوح بما يختلج في قلبه ولا كان مستعدًا لإخماد تلك النار المشتعلة في لبِّه،لكنَّه قرَّر و بلا هوادة أن يرفع القلم و يُشعل الهمم رغبة في الوصول إلى القمم.
.تيم:لقد كان الزمن كفيلا لِيُريني صِغر الإنسان و ضعف بصيرته مهما امتلك من قوة في البصيرة ونباهة و سرعة بديهة.كنت حديث سنٍّ ألعب مع أطفال الحي و أمرح و لكنَّ أمرًا ما جعلني أفكر بخلاف تفكيرهم وأنظر إلى الحياة بخلاف منظورهم.الظروف القاسية و المعيشة الضَّنك لم تكن لِتحُدَّ من عزيمتي أو لِتهزَّ كياني،فَهِمَّتي بلغت عنان السماء و صرختي مزَّقت لواعج القلب حتَّى صِرت أرى حلمي بين عينّي كرُؤيتي لأمي و أبي.كان أكبر أهدافي و مطامعي أن أخدم العلم عامة و الأمة الإسلامية خاصة و أضحي بالغالي و النفيس من أجلهما.لذلك ما فتِئتُ أُطالع الكتب والمجلّات وأبحث في القواميس و أجول المكتبات رغبة في العلم النافع المُوصل إلى الحقيقة و لا شيء غيرها ،فالسائر في الطريق بغير علم كالذي دخل دهليزا بغير مصباح و لا سراج؛ظلام دامس و ليلٌ لا ينجلي.
المهم الهدف مسطر و الطريق إليه معلوم و لكن ثقل الأعباء ومرارة الواقع وصعوبته هي الأمر الوحيد الذي كان يشغل بالي،هل باستطاعتي تجاوز كلّ ذلك؟وكم تستطيع كتفاي أن تتحمَّل؟ لكنِّي كنت أعزي نفسي بقول القائل:"يا أقدام الصبر احملي بقي القليل"فلم يكن لي ممَّن حولي مُعين و لا نصير غير إيماني و همَّتي،أكابد المصاعب و الهموم و أخوض المسالك و المهالك في لجج الظلام وحيدا أعزلاً،و لم يكن شيءٌ ليُثْني من عزيمتي أو يمنعني من بلوغ مرامي.
أَكْبُر شيئا فشيئا و ألاحظ أمرًا مهماً لم أعرفه من قبل في مدرسة أمي و أبي؛أجد الواقع بخلاف ما تتضمَّنُه الكتب و لا ما تحمله السطور بين ثناياها و لا ما تنقله المجلات ووسائل الإعلام والإتصلات،أجده علقما لا تُمازجه حلاوة،وصلباً لا يخالطه لين،وظلاما ليس به نور.بدأتْ المشاكل و الهموم تحاصرني من شتى الجهات و تقذفني في الملمَّات فلا يكاد سواد مُصيبىة ينجلي حتى أسقط في براثن أخرى،لكن هيهات هيهات "فالنجاح مُرٌّ مذاقه،يصعب ابتلاعه".رُحتُ أُعزي نفسي بقولٍ آخر لعلّي أجد فيه عزائي و َيحُدُّ قليلاً من مخلفات خيبتي،يقول:"حلاوة الوصال ُتنسيك مُرَّ المجاهدة"و لكن بلا فائدة،فالجسم أصبح كالعودِ في نَحالتهِ و الوجه أضحى كالليمون في اصفراره،ولم يبق مِنِّي سوى قلبي الذي وقوده الحُبّ ومحركه الإرادة ومُؤنِسُه جلاء الهدف.
لكن كمَا قُلت سالفا الزمن كفيل بالإنسان ليُريه صِغَره و ضُعف بصيرته،فلم يلبث فؤادي إلاَّ قليلاً ليسقط طريح الفراش محطَّم الخواطر هزيماً كليماً لا يكاد يفيق من نكستهِ حتى تُلِمَّ به أخرى، وصِرت أبحث عمَّن يواسيني و يُطيِّبَ خاطري فلا أهتدي إلى ذلك سبيلاً إلا قول القائل "يجب أن يتعلم الطفل من أول يومٍ يجلس فيه أمام مكتب مدرسته أنَّ الموجود في الحياة غير الموجود في الكتب حتى لا يصبح ناقِمًا على العالم يوم ينكشف له وجهه و يرى سوءاته وعوراته و حتى لا يضيع عليه عمره بين التجارب و الإختبارات".
مهما طَالع الإنسان من كتب وأبحر في أعماقها و ارتفع صوته فيها إلا أنه يبقى رهين واقعه الذي يعيش فيه،و كان لِزاما عليه أن يخرج إلى ميدان التحديات فيُؤَثر و يتأثر و يفوز و يخسر فالقراءة وحدها لا تكفي و جوهر العلم العمل.
كاتب الموضوع: زواوي وليد