إن الأصل في الإنسان فطرته فعليها خلق و ولد و مهما ابتعد عنها و مارس اللافطري من الممارسات الوجودية فإنه لا محالة في آخر حياته، ستجده ذلك الطفل النوستالجي بكثير من الشفقة و قليل من الخيلاء أو بانعدام الأخيرة تماما، مدركا أن فطرته هي الوحيد التي لن تخونه، فعليها خلق و منها تعلم =كيف يسأل نفسه بعد مضي فترة من ولادته سؤالا بسيطا لكنه عميق عمق دلالته قائلا من أنا؟
لقد تساءل الكثير من الناس بنفس التساؤل الذي يبادر ذهن صديقنا، إنه ملح طول الوقت يعيش معنا، و نتذكره كل يوم، لكن المشكلة معه تكمن في ميقات قدومه، إنه جريء يأتي حينما تكون وحيدا و الشيطان ثالثكما، قد لا يأبه لمشاعرك ممارسا سحره و دجله و جدله، قل بريك من أنت، أنا..أنا انسان، أعرف..لكن من أنت؟
إنه يفقدك السيطرة على نفسك..تتعرق بل تتصبب، و يرتفع ضغطك عنان سقف حجرتك القليلة الضوء، ربما يقصد أن أعرفه بنفسي بدقة..ثم سرعان ما تضرب عرض الحائط بهذه الفكرة الساذجة..قائلا : صحيح..من أنا ؟ هل أنا ذلك الصامت الذي لا يحب شيئا سوى ضوء القمر أو ما يدعى رجل القمر..هل أنا ذلك البسيط الذي يقتات على تجارب الآخرين و يخاف يوما أن يجرب شيئا جديدا..أنا ..سأقول من أنا..
أنا امتثال لنفسي، نورسي شديد لا يروض، طائر بجناحين عظيمين لا أرض تملكه و لا وطن له سوى قلبي، أما عن قلبي فويل لقلبي..
قلبي مرهف معلق بجذوة رمادية..لا يستطيع الخلاص منها، إنها ترغمه دوما على البقاء رغم أنها لا تكبله، هو طليق يعلق نفسه كل ليل بها، و لا يسأم من قربها..رغم شدة عذابه من وصالها..
فمن أنا ؟
-
عبد الرحمان برداديباحث جزائري