الساقية والمنجل..
لكل بداية نهاية، ولكل شمس حكاية تنسج مع خيوط الفجر وتكفن في غسق الليل..
ما أجمل البدايات في كل شيء ولذلك ذاكرتها لا تشيخ ولا تهرم ، هل تراك نسيت لحظات الطفولة ورفاق الصبا واللعب والفرح مع أخيك وابن عمك وقريبك وجارك..؟
أنظر أول الحكاية الكل يبتهج بك ولك وتظنّ الأرض أرضك والسماء تحت طوعك .
حتى اذا أحاطت بك الأيام وتناهشتك مخالب الزمان
يخيب ظنك وتعلم علم اليقين أنك لست وحدك الذي غذتك الساقية وينتظرك المنجل .
جميعنا نشترك في المبتدأ والمنتهى وبين هذا وذاك نصنع الخبر، هذه الحقيقة التى دائمآ ما تتوارى بحجاب الغفلة وسكرة الشهوة لا يكشف الحجب عنها إلا منجل الحصاد .
المبتدأ المشترك والمصير المشترك والحياة المشتركة توقظ روح الأخوة فينا وتجعل البصر والبصيرة تدرك معنى التعاضد والتعاون ، وخطر التنافر والتباغض .
يقول أحد عظماء قريش عند فتح الشام :
والله قد رأيتنا ونحن بالشام قد قدمنا بتجارتنا ونحن لا نأمن على أنفسنا وأموالنا من الروم والواحد منا لا يرى له فضل على صاحبه ، حتى إذا رجعنا مكة تنافرنا وتفاخرنا حتى تحمّر الأنوف وتستطيل الرقاب .
لا تعرف قيمة أخيك الحقيقية إلا وقت الفقد وقد مر عليه المنجل كما سيمر عليك..
حقيق على كل أمة وكل وطن وكل قبيلة وعائلة أن تدرك أن الأصل واحد والمصير الذي ينتظرها واحد ولتجعل الحياة بين الساقية والمنجل حياة تجري بها روح الإخاء وتسقي بذرتها مياه العطاء .