لطالما اغرتني اشعة الشروق في أن اصطحب قهوتي معي لنراقب الشمس وهي تطل مجددًا على نصف الكرة الأرضية الذي يحتويني، اخبر قهوتي كم هي غامضة، كيف لها أن تستبد بي وتجعلني بمنأىً عن العالم دونما جهد يذكر؟ وكأنني اذعن لها بارادتي بل حبًا في أن أنقاد وراءها!
كانت عزلتي غير تامة في حضرة قهوتي، هي عزلة عن الناس وعن كل ما يرهق الروح، أما هي فكانت الاستثناء الذي ارتضيه.
ان لها صديقة تدعى فيروز، أجل تلك ذات الصوت العذب! في اتحادهما قدرة طاغية على الغاء الوجود، لكم يأسرني صوتها! يسكنه حزن خفي، باعتقادي حتى كلمات اغنياتها عجزت أن تحيك ذلك الحزن كما يستحق، في بعض الأحيان تعجز اللغة عن احتواء شعور يضرب جذور سلام النفس بجبروته.
أما قهوتك أنتِ، فأنا أعلم انك تفضلينها بعد أن يقتلها الانتظار، حين تبرد، اذكر سؤالي لك عن سبب ذلك باستهجان، وكأنني اتهمك بالخيانة، فقلت أن القهوة الباردة تشبهك واكتفيت بابتسمة لم يكن لتفسيرها من سبيل..
ادرك الآن هذا الشبه، انه يكمن في محاربة الانتظار بجلد، لأن ما كتبه القدر لن يلغيه الوقت.. كتب للقهوة أن تبقى عظيمة حتى وإن كانت.. باردة.