قلوب تأبى الموت! - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

قلوب تأبى الموت!

  نشر في 07 يونيو 2022 .

 مالك أنت ومال تلك القلوب التي فضلت الرحيل على المواجهة؟ مالك ومال تخاطرهم المميت مع طيفك الهش؟ أيظنوا إنك نجوت حقا من الشِباك التي نصبوها لك؟ أنت آثرت الصمت وحسب، ولنقل إنك جاريت ما فعلوه في حقك، تماما كأنما تخبرهم بموافقتك على ما اقترفَته مشاعرهم اتجاهك!

لكنك أيضاً مثل الماء الجاري، لا شيء يقف عندك وسرعان ما تنساب، متناسيا ما حل بك من دمار. هذه هي طبيعتك لكنهم لن يعرفوا هذا، حتى طبيعتك الخرافية في صالحك، فبرجك مائي أيضاً كما طباعك.

ولكن لماذا تخبرهم الآن بسر قوتك؟ آه، أنت في الحقيقة تخبر نفسك! تود طمأنتها بأنك محمي من حنينهم المفاجئ القاتل.. هراء! فأي حنين يمكنه اختراقك ليزرع فيك مشهدا بأكلمه؟ مشهداً يثير المشاعر ويقارب على تفتيتها ليجعلك تشعر بالخزي والخذلان من نفسك؟! إنه لخيال فظيع حقا ويصعب تصديقه؛ مع أنني عشته معهم بكل جوارحي وأحسست بتواجدهم المادي في هالة خلقت من الضوء والظلام معا، كانوا موجودين بالفعل لا يفصل بيننا سوى أمتار قليلة!

يا قلبي الخائب! صرت مسكونا بالأشباح بعد أن جعلت منه معبراً لكل الهاربين من وحشة لياليهم الباردة. فتحته لهم بكل ترحاب، بل وأقمت لهم ما يناسب سكناهم، ثم ماذا حدث...؟ حدث أنك كنت تمارس حياتك في سلامٍ غير ملتفت إلى تقلب نفوسهم. لكن هذا آثار غيظهم فبدأ بعضهم في اغواءك. نعم، لقد نجح بعضهم في هذا. جيد أنك تعترف بخطيئتك، رغم أنك لم تكن تعرف ما أنت بصدده، كأنك نسيت كيف هو الحب وكيف يُقام مقامه في القلوب!

وبعد أن جاريت عاطفتهم الهادئة الخجلة، اتضح أنها كانت محض تفاهة، مجرد عبث ليس إلا. كان لديك شك، ما كان عليك الوثوق ولا التشبث بحبالهم المهترئة، لكن صفاء مائك جعلك تنساب ورائهم كما لو كنت جاريا إلى مصبك النهائي، يا لها من مزحة سخيفة!

على أية حال أنت لم تخسر شيء، فأنت لست كماء البحيرات والمستنقعات الراكد الذي يحتمل إلقاء النفايات والروائح العفنة. أنت ولابد جاري إلى طريقك مهما حاولوا دس رزاياهم في مياهك الصافية، وإن لم تكن تدرك ذلك بوعي، فقدرك سيفعله بالنيابة عنك.

لكن، لا تفخر بذلك كثيرا، فأنت ما زلت وعاء فارغا، وعاء تعشش فيه ظلال من مروا ومن سكنوا، ظلال قلوب تأبى الموت، منذ متى والظلال تموت؟

كنت أحسب أنهم يموتون بمجرد مغادرتهم، ثم خمنت أنهم ربما يكونون مثل البشر، لهم أعمار مقدرة وأن ولابد لهم يوم سيرحلون فيه نهائياً، لكن كلما ظننت أن ذلك اليوم قد جيء، تظهر ظلالهم في اليوم التالي أو بعدها بأسبوع أو شهورا، كأن ذلك السكن الذي أقمته لهم قديما قد دقوا فيه وتدا غليظا، صانعين من خلاله حبل نجاة لهم؛ حتى في حنينهم أنانيون.

ماذا بوسعك فعله أمام تدفق حنينهم، أو منع تعمقهم فيك؟ لا شيء، فأنت لا تملك سوى الانسياب والجريان دون أدنى مبالاة بحنينهم المثقوب. اجري كثيراً ودائما ولا تتوقف، علك تتعثر في شيئا يخلصك من أوتادهم المغروزة فيك، علك تغرق أصلاً في أودية الدنيا لترتاح وتريحهم من تلك الخيالات التي يدعونها بالحنين!
















  • 4

   نشر في 07 يونيو 2022 .

التعليقات

ياسين منذ 1 سنة
مقال ولا اروع لقلم مبدع
2

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا