رؤى الحجار

فيصل البكري

كثيرآ ما يشار لناظر الوقف من قبل العلماء بأنه الركن "الخامس" من أركانه بصفته القيِّمُ عليه والراعي لشؤونه والمسؤول عن تطبيق شرط واقفه.

ولما للناظر من أهمية في تحقيق دَيْمُومة وإستدامة الوقف وإستمرارية عطاءه وتنمية إستثماراته وتعاملاته مع المستأجرين لأنهم المصدر الرئيسي لغلال معظم الأوقاف. ويلقى على عاتقه عدم تمييزه بين طرف وأخر من المستحقين حتى يكون ميزان العدل من قبله قائم بين الجميع.

ولكن اليوم أختلفت منهجية "النظار" بعدما تضاعف ريع الوقف عشرة أضعاف عما كان عليه في السابق. فكثرت على إثرها التجاوزات وتعددت المخالفات حتى بدأت معها أروقة المحاكم تعج بالقضايا ضد "ناظر الوقف" من قبل المستحقين.!؟

لا لقصور في الأوقاف ذاتها. بل بسبب مخالفة "الناظر" القائم عليها لشرط الواقف باستغلاله في إنفاق غلة الوقف في غير ما أراد "الواقف" وكأنها حق مكتسب يتصرف بها كيف يشاء. خلاف تسييره لمخصصات المبرات الخيرية لمصالحه الشخصية تحت ستار دعم مدارس "تحفيظ القرآن" برغم وجود محتاجينها من أحفاد الواقف من الأيتام والأرامل والمحتاجين من كبار السن.! 

فيما نجد بعض "النظار" إهمالهم في صيانة عقارات الوقف وتجديدها والإعتناء بها. فيصيبها العطب والخراب وتندثر أصول الوقف وتتوقف منافعه.

ومن المشاكل الملازمة لنظار الوقف تشبت البعض به والإمتثال عليه وكأنه حق مشاع برغم ما يعانونه من أمراض تصل بعضها إلى حضوره لمكتب الوقف على كرسي متحرك وإذا ما تحدثت معه بالكاد تفهم ما يحدثك عنه.!

وتبقى مشكلة "نظارة الوقف" مشكلة عامة وقديمة تتجدد صورها وأشكالها عام بعد عام.

ومن إشكالاتها عدم استثمار عقاراته طوال العام لتنميته وزيادة موارده بما يعود بالنفع لكافة المستحقين.

وربما تكون صفة الأمانة لدى الغالبية من النظار غائبة لديهم والضمير معدوم ومخافة الله منسية حينما تقف رؤية "الناظر" عند سقف معين من "الجُعل" الذي يحصل عليه نظير نظارته.

وإذا كان بعض أصحاب العلاقة من مستحقي الوقف تقدموا بشكواهم للقضاء ضد "ناظر الوقف" لأي سبب كان. وتم حل مشاكلهم.

فإن هناك أضعافاً مضاعفة من المستحقين لزموا "الصمت" ولم يلجأوا للقضاء لأنهم لا يريدون الدخول في إشكالات قضائية مع قرابتهم حفاظاً على أواصر القربى وصلة الرحم. فليس مقبولاً لدى البعض منهم شكوى العم أو الخال أو أخيهم الأكبر أو أبناء العمومة. فالنبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون من بعده كانوا يولون الولاة ويحاسبونهم على ذلك. وتلك ضمانة مهمة للقيام. بأعباء الوقف كما ينبغي. 

فيما تفاقمت بين الأقرباء ظاهرة "الصمت" إتجاه حقوقهم الضائعة مما جعل "الناظر" يزداد في هيمنته الغير مشروعة وسطوته على أموال المستحقين والأرامل والأيتام.

لأن هنالك من يشجعه على الباطل لأجل مصالحهم وحفنة مال دون إعتبار بأن الله يرى والله الموفق…