فلسفيا عرف الإنسان بأنه حيوان ناطق، كما عرف بأنه كائن عاقل، وعرف أيضا بأنه كائن راغب. لكن هذه التعاريف أرى أنها مشتركة بين الإنسان والحيوان: أليس الببغاء بحيوان ناطق، وأليس الحيوان كائن عاقل، فهو لا يقحم نفسه في شؤون الأخرين كما أنه لا يعصي رب العالمين عكس الإنسان، وأليس الحيوان يرغب في الطعام والتناسل والراحة واللعب كما هو شأن الإنسان. لذا أرى أنه يجب أن يعرف الإنسان بأنه كائن كاذب، فهو يكذب بمجرد أن يفتح فمه، بالله عليكم هل سبق أن جرب أحدكم الكذب على الحيوان، لا طبعا. فالحيوانات لا تعرف النفاق الاجتماعي كالإنسان، فالكلب مثلا: إن أحبك يتمسح بك وهو يلهث سرورا وإن كرهك فهو ينبح عليك نفورا، فمع أنه أكثر الحيوانات التصاقا بالبشر إلا أنه لم يؤخذ منهم صفتهم الذميمة المتمثلة في الكذب، ربما لأن نظرة الحيوان مختلفة عن نظرة الإنسان، أظن أنهم يرون الحياة بلون واحد، لذا فهم صادقون دائما. عكس نظرة الإنسان القزحية للحياة، لذا نجده يميز بين الكذبة السوداء والكذبة البيضاء، والكذبة الزرقاء إلى أخره من ألوان الطيف، فالبشر تفننوا في الكذب وقسموه إلى كذبة كبيرة وكذبة صغيرة، لدرجة أنهم جعلوه علما واخترعوا جهازا لكشف الكذب، ونظرا لأهمية الكذب في حياة الإنسان فقد قرروا الاحتفاء به فجعلوا له ذكرى سنوية تعرف بكذبة أبريل. فلكل ما ذكرت ولما لم أذكر أرى أن يعرف الإنسان بأنه كائن كاذب. ومن منا لم يكذب في حياته قط ، وأنا أولكم. من يجيب بالنفي فهو ليس بإنسان وإنما حيوان لأن الحيوانات وحدها من لا تكذب. ولعل فيما قيل تنزيل للإنسان إلى المكانة التي يستحق وتنزيه للحيوان الذي طالما قرن اسمه بالإنسان عند تعريف ماهية هذا الأخير.
-
كريمكناس79مدرس ومؤلف