تعيش حياتها براحة مطلقة وكدّ وشدّ، تصحو لتنام وتنام لتصحو في صباح باكر مع الشروق الذي يوهمها دوماً بيوم جديد مختلفٍ عن سابقه. لا شيء في تبدل؛ فالأمور كما تتبدى لها تماماً ولا هي تواجه أزمنة وجودية تحاول معها فهم ذاتها و فك طلاسم كوابيسها فهي لا تحلم إلا بالذعر الذي يطوقها لحظة اختفاء الطريق الذي تمر معه كل يوم.
يعتمل في خلجها هذا الكابوس المقيت طيلة ساعات النهار، مالذي سيحدث وقتها ؟ وقت صحوها يوماً على الأطلال ؟ حتماً ستشعر بفراغ رهيب ورهبة الفراغ. حيث حينها ستتجلى في خلدها فكرة الوجود! هل ستكون موجودة وقت يختفي طريقها ؟ أم طريقها يوجد إذ هي وُجدت ؟ تفكر الحشرة مليّا بعمق يغرقها. حتى تسأم وتسلّم أمرها. "سأفكر في الأمر غداً أو بعد غد أو وقت يختفي الطريق فعلياً" .
تنقضي السنون والحشرة في سبات يومي، تمشي صبح عشي لا تمعن في شيءٍ ولا أحدٌ يلحظها تماما مثل تفاهة وجود حشرة وسط حشد ما . هل توجد الحشرة فعلاً لو لم يلحظها أحد ؟ لو حتى الطريق الذي تسلكه يومياً كان هو من يسلكها والأيام التي ظنت أنها تقضيها كانت تقضي عليها ؟ لم تعرف يوماً ولم تعرف أنها لن تعرف حتى تنتهي السطور التي خلقتها ومن ثم تبيت هي في سبات آخر في عقل أياً كان من يقرأ سطورها هذه اللحظة . ولذا فالحشرة تبعث نفسها مجددًا من خلالك .
-
الهنوف المقبل .أكتب من فترة لأخرى ما يعن لي من فلسفات حياتية .