تفسير الأحلام عند علماء التحليل النفسي - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

تفسير الأحلام عند علماء التحليل النفسي

  نشر في 17 أبريل 2014 .

شكلت آراء <S. فرويد> حول معنى الأحلام لب نظريته في الوظيفة العقلية. ويؤكد <M. سولمز> وآخرون أن دراسات الصور والتهتكات الدماغية تثبت الآن صحة تصور <فرويد> عن العقل. ولكن أبحاثا علمية مشابهة تبين إمكانية خطأ نواح رئيسية من تفكير <فرويد>.

فعند <فرويد> تنجم الطبيعة الغريبة للأحلام عن جهد حثيث للعقل (عبر رقابة وإخفاء رمزيين) في إخفاء الرغبات الغرائزية غير المقبولة التي تنبع من اللاشعور حينما تخفف الأنا من نهيها لل«هي» أثناء النوم. ولكن معظم الأدلة البيولوجية العصبية تؤيد الرأي البديل الذي يرى بأن شذوذ الأحلام إنما ينجم عن تغيرات عادية في حالة الدماغ، إذ تولد الآليات الكيميائية في جذع الدماغ هذه التغيرات، وتتسبب تلك الآليات أيضا في تبديل نشاط مناطق مختلفة من القشرة الدماغية. وقد دلت عدة دراسات على أن التغيرات الكيميائية تحدد نوعية وكمية رؤى الأحلام والانفعالات والأفكار. هذا ويجب نبذ فكرة <فرويد> عن الإخفاء والرقابة disguise and censorship، فليس من أحد يعتقد بأن المقارعة بين ال«أنا» وال«هي»، إن وجدت، تتحكم في كيمياء الدماغ. ولم يعد معظم المحللين النفسيين يتمسكون بصحة نظرية الإخفاء والرقابة هذه.

وإذا ما استبعدت فكرة الإخفاء والرقابة، فما الذي يبقى من نظرية <فرويد> في الأحلام؟ لا يتبقى الكثير فيما عدا أن الدوافع الغرائزية يمكن أن تستحث تكوين الحلم. وبالفعل فإن الأدلة تشير إلى أن تنشيط أجزاء من المنظومة الحوفية limbic system (التي تولد القلق والغضب والفرح) يؤدي إلى تشكيل الأحلام. ولكن هذه التأثيرات ليست «رغبات» wishes. فتحليلات الأحلام تبين أن الانفعالات في الأحلام غالبا ما تكون سلبية بقدر ما تكون إيجابية، وهذا يعني أن نصف عدد رغباتنا لأنفسنا يكون سلبيا. وكما يعرف جميع الحالمين، فإن الانفعالات في الأحلام قلما تَخفى؛ فهي تدخل بوضوح في حبكات الأحلام، وغالبا ما تسبب تأثيرات بغيضة، مثل الكوابيس. ولم يستطع <فرويد> قط أن يفسر لماذا يكون العديد من الانفعالات سلبيا.

وثمة ركن آخر لنموذج <فرويد> يتمثل في أنه بسبب كون المعنى الحقيقي للأحلام خفيا، فإن الانفعالات التي تعكسها هذه الأحلام لا يمكن إظهارها إلا عبر اتباع الأسلوب العقيم ـ أسلوب الربط الحر، وهو الأسلوب الذي يربط فيه المرء أي شيء وكل شيء يخطر بباله على أمل العثور بالمصادفة على صلة عميقة. ولكن هذا الجهد ليس ضروريا بسبب عدم حدوث مثل هذا الإخفاء concealment. فما تراه في الأحلام هو ما تحصل عليه، ومحتوى الحلم يكون واضحا من الناحية الانفعالية. وكل ما يحتاج إليه الأمر هو التدقيق عن قرب بالحالم ومعالجيه لاستشفاف المشاعر التي يبدونها.

يلمح <سولمز> وفرويديون آخرون إلى أن إرجاع الأحلام إلى كيمياء الدماغ يماثل القول بأن الأحلام لا تحمل رسائل انفعالية. ولكن هذين النصين ليسا متعادلين، إذ إن نظرية التنشيط الكيميائي واصطناع الأحلام chemical activation-synthesis theory، التي وضعها <R. مكّارلي> [من كلية طب هارڤارد] (بالاشتراك معي) في عام 1977 تعتبر أنه من الخطأ تفسير التحليل النفسي لشذوذ الأحلام على أنه إخفاء للمعنى. فلطالما جادلنا بأن الأحلام صريحة وذات مغزى من الناحية الانفعالية. ثم ماذا عن النوم الرّيمي REM sleep؟ إن الدراسات الجديدة توضح أن الأحلام يمكن أن تحدث خارج فترات النوم الريمي، ولكن لا شيء في نموذج التنشيط الكيميائي يحول دون هذه الحالة؛ فتواتر الأحلام يكون أعلى على نحو أسي exponentially أثناء النوم الريمي، ليس إلا.

يكتنف التحليلَ النفسي مأزق كبير، ولا يستطيع أي كَمٍّ من التبريرات البيولوجية العصبية إخراجه منه. إننا بحاجة إلى إصلاح جذري، إلى درجة أن الكثير من علماء الأعصاب يفضلون البدء من جديد وإيجاد نموذج معرفي عصبي للعقل. صحيح إن نظرية التحليل النفسي نظرية شاملة، ولكنها إن كانت خاطئة بصورة فاحشة، فإن شموليتها لن تجدي نفعا. ويتلمس العلماء المتشاركون في هذا الرأي التوصل إلى نماذج بيولوجية أساسية للأحلام والأمراض العقلية والخبرة الواعية السوية تكون أكثر استنادا إلى النواحي البيولوجية من تلك التي تقدمها نظرية التحليل النفسي.

مؤلف المقال: J. Allan Hobson

أستاذ الطب النفسي في كلية الطب بجامعة هارڤارد. له مؤلفات كثيرة في مجال الأساس الدماغي للعقل ومضامينه في الطب النفسي. وللاستزادة، يمكن الرجوع إلى كتابه «الأحلام: مقدمة لعلم النوم» (مطبعة جامعة أكسفورد ـ عام 2003).

         


  • 4

   نشر في 17 أبريل 2014 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا