تنظر خلفها و هي سابحة في بئر الذكريات تظل تلك التساؤلات تغوص في اعماقها و هي تتذكر اللحظة الاخيرة التي ودعت فيها ' الرفقاء '
سبع سنوات مضت كانت وقتها ' جهاد ' في اوج عنفوان الصبا قد تخرجت للتو من ' كلية الفنون الجميلة ' و هي تتجهز لمهنتها الفنية التي تطلق فيها كل احساسها المرهف لجأت الي مرسمها حيث تحيا بين لوحاتها الفنية الجميلة التي تحكي بها ' قصة انسان '
لطالمآ قنعت ' جهاد ' ان الفن وسيلة للتعبير عن الذات و تفريغ المشاعر الانسانية التي تستحق ان تنير الكون ''
وقفت طويلا امام تلك اللوحة ' المرأة و رفاقها في الريف ' التي بصرت فيها الحياة الريفية البسيطة اتذكر جسدت فيها المرأة الريفية و هي تحلب الابقار و الماعز بينما تلهو ابنتها بين الكلاب و ' الشاه '.. كم شعرت بجو اسري دافئ ينطبق من ارواحهم جميعآ و هنا تذكر نقاشها الحاد الذي ولجته مع زوجها الطبيب ' سعد ' الذي اصر علي ان الحياة الريفية انما ' هي وليدة احلام مكنونة داخل عقلها الباطن بالهدوء و الاستمتاع بالطبيعة ' مازحته وقتها بان يصحبهم في نزهة ريفية و ليته لم يفعل!!
كانت عقارب الساعة قد جاوزت منتصف الليل حينما اصر ' سعد ' ان يصطحب زوجته ' جهاد ' و ابنتهم الوحيدة ' شهد ' الرضيعة التي لاذالت لم تصل لمرحلة الفطام بعد..
كان قلبها ينبئها بمكروه ما و قد صدق احساسها ليته استمع لها....
" ' سعد ' انا قلبي متوجس من هذه السفرة "
" كفاكي مبالغة يا ' جهاد ' هيا للنعم ببعض الهدوء في الطبيعة "
و صدق احساس ' جهاد' اذا هاجمهم قطاع الطرق علي الطريق و بدأوا في اطلاق النيران وسط صراخ ' جهاد' حتي اصابوا ' سعد ' برأسه فاردوه قتيلا امام اعين ' جهاد ' التي بدأت تبكي رضيعتها ' شهد ' فصرخت ' جهاد ' باعلي صوتها
" الا شهد اقتلوني و اتركوا المسكينة تحيا "
الا ان قطاع الطرق لم يملك قلبهم ذرة رحمة اذا شرع كبيرهم في اطلاق النيران وسط ضم ' جهاد ' رضيعتها و هي تبكي حتي اصابتهم رصاصتين افسدت جهاد وعيها من نزيف الدماء..
في المشفي ركضت ' جهاد ' داخل غرفة العناية المركزة و قد شرع الاطباء لمتابعة الحالة حتي استقرت و نقلت الي غرفة عادية!!
كان اول صراخها ' شهد ' و هي تسأل الجميع بعبراتها عنها دون مجيب!!
و بقلب الام ادركت ثمة خطب ما طال ابنتها اقترب منها الطبيب باسي
" البقاء لله شدي حيلك يا ' جهاد ' "
صدمت ' جهاد ' مما سمعت فقدت كل من كان لها في الحياة ' زوجها و ابنتها ' رأت امها بجوارها تواسيها فضمتها اليها تآوي لها بجراحها..
" ' جهاد ' اخرجي من هذه العزلة بفنك اطلقي الطاقة الحزينة بداخلك حتي تخرجي كل الم "
" اه يا اماه لو تدري ما بقلبي من عذاب صدق حدسي يا اماه و فقدت زوجي و بنيتي "
" و لاذلت الحياة مستمرة يا بنيتي "
" الا روحي يا امي قد ذهبت للسراب "
" فنك يا ' جهاد ' انسيت قولك ان الفن هو احساسك "
" اه يا اماه علي قلبي ينزف دمآ و قد لبست حداد السواد "
تعود الي الواقع و هي تخفي دموع جاثية علي وجهها صدقت امها ان الحياة تمر و لكن مرة بلا طعم و لا رائحة!! جسدت بالفن احساسها لكن الحزين المر الخافت لم يعد فنها مناظر طبيعية و ارياف و لكن ' وداع الاحباء ' تلك اللوحة التي جسدت بها كل من فقدت و ربطت علي قلبها و كانها ارادت ان تقول
" اجل تستمر الحياة و لكنها تبقي مرة بلا احساس او روح حلق بعيدآ حيث يتلاقي الاحبة "
" النهاية "
-
Menna Mohamedكن في الحياة كعابر سبيل و اترك ورائك كل اثر جميل فما نحن في الدنيا سوي ضيوف و ما علي الضيف الا الرحيل الامام علي بن ابي طالب