إيجابية رغم ذلك

بوشعيب رغم انغلاقه على الشبكات الإجتماعية، إلا أن بداخله حرص على مواكبة الجديد، لذلك تجده دائما يسأل أصدقاءه عما يحدث، و يوبخهم أحيانا عن عدم إخباره ببعض الأنشطة، و كان يكره الإجابة التقليدية : لقد شاركنا الحدث على الفايسبوك.

في مرة كان بوشعيب محظوظا، و تلقى بريدا إلكترونيا من صديق له، قرأه بعد أسبوع عن تظاهرة طبية خيرية مهمة في المجال الطبي بإقليم ورزازات، فدخل رابط الحدث، و بسرعة بدأت ملامح الفتور تلوح عليه حين قرأ أن الحضور مقرون باقتران تذكرة على منصة تسيير الأحداث "إيفينترايت"، طبعا بوشعيب ليس مجنونا للتسجيل في المنصة ما دام ذلك ليس إجباريا.

خروج عن المألوف

بمجرد فتحه لاستمارة التسجيل، أدخل إسمه الحقيقي رغما عن أنفه، و بعض المعلومات المغلوطة عنه مثل مهنته و مدينته، و عن كيفية سماعه بالحدث. مرة أخرى معلومتين أثارتا غضبه و هي رقم هاتفه و بريده الإلكتروني.

بالنسبة لرقم الهاتف فقد كان الأمر سهلا، فقد كان يحفظ عن طهر قلب رقما عشوائيا يعطيه لكل شخص تافه يطلب منه الرقم، لكن بالنسبة للبريد الإلكتروني، كان يعلم أنه يجب تزويد المنظمين ببريد إلكتروني حقيقي.

التحايل المشروع

الحل البسيط كان هو خلق حساب وهمي جديد على جمايل، لكن يبدو أن مؤسسي جوجل عازمين على تعكير صفوه رغم أنفه، فمجموعة من المعلومات الخائطة التي أدخلها رفضها جوجل باستعمال خوارزمياته الحديثة. و الطامة الكبرى هي إدخاله للرقم الهاتفي المزور كرقم للتحقق، مما أخره دقائق لعدم توصله بالقن السري للتأكيد، فما كان منه إلى أن عطل خدمة التأكد المزدوج.

و هكذا فرح بوشعيب بهذا الإنجاز العظيم.

اليوم الكبير

لم يستطع بوشعيب النوم ليلة السبت لشدة حماسة للحدث الكبير، و في الصباح الباكر و قبل بزوغ الشمس، احتل مكانه خلف عجلة القيادة في سيارته الأنيقة التي يحرص على تنظيفها شخصيا كل أسبوع، لعدم ثقته في الأخرين.

بعد أن بسم و تلا دعاء السفر، توكل على الله و أدار محرك السيارة و بكل ما أوتي بقوة ضغط على دواس الوقود و هو في حالة من النشاط الهستيري، و طول الطريق و هو يصفر و يتفاعل مع الموسيقى تارة و مع البرامج الحوارية تارة أخرى، متناسيا الأمطار الغزيرة التي كانت تحجب الرؤية عنه في بعض مقاطع الطريق.

الصدمة الكبرى

بما أن الطريق طويل، اضطر صديقنا للوقوف في محطة استراحة للتزود بالوقود، هناك سمع صوت برنامج حواري مباشر مع الشخص الذي ينطم التظاهرة إياها، هناك تسمر في مكانه و هو يسمع بأن الحدث أجل للأسف بسبب الظروف الجوية الصعبة.

جلس بوشعيب لبرهة، ثم نهض غاضبا و هو يسب الشباكات الإجتماعية و العولمة و خضاع اللجنة المنظمة، دون أن يمطر الحكومة المغربية و المعارضة و الماسونية و الإمبرالية و الصهيونية العالمية و أمريكا بوابل من الشتم و تحميلهم مسؤولية الوضع الذي هو فيه.

ماذا لو ؟

الأمر الذي كان يجهله حبيبنا، هو أن اللمنظمين أجلوا الحدث منذ يومين، و قد أخبروا كل المسجلين عبر البريد الإلكتروني و الإتصالات الهاتفية.

ماذا لو كان بوشعيب أعطى معلومات صحيحة؟ لكان اللآن ينعم بجلسة عائلية حميمة مع أسرته متحلقين حول جهاز التلفاز يتابعون مباراة في البطولة الوطنية بين حسنية أغادير و أولمبيك خريبكة، و الشاي قد بدأ يبرد في كؤوسهم.

قصة و عبرة

هناك مقولة اقتصادية تقول أنه إذا كان هناك خدمة مجانية ، فأنت هو السلعة. كما ان الشبكات الإجتماعية و المواقع الخدماتية قد بالغب في استغلال معلوماتنا الشخصية و تسويقها، لكن هذا لا يعني أن نحذو حذو بوشعيب بالحذافير.

أمر آخر مهم إن كنا نحن تسببنا في وضعية غير مريحة فلا داعي لوم