لنتمكن بأي شكل من البحث عن طريقة مبتكرة لفهم وعينا يجب علينا إعتماد منظور تشكيكي لكل العادات والأفكار المتأصلة في أعماقنا لأن الحقيقة تسكن في داخل هذا العمق ولكن نحن العاجزين في الوصول إليها، عادة يأتينا هذا الإحساس حين نواجه أشياء غير معقولة تحدث أمامنا وحولنا ولا نعرف كيف نتعامل معها ونواجهها. هنا نبدأ بالإحساس قد يكون هناك إحتمالية وجود حقائق أخرى بعيدة جدا عن كل شيء عرفناه وتعلمناه وفهمناه من قبل؛ والأهم أننا بدأنا نحس أن إيماننا بأي فكرة لم يعد متعلق بصحة وقوة هذه الفكرة أو بطلانها أو ضعفها بل بقوة إغرائها لنا وإرادتنا إليها. وهذا صحي جدا إذا بدأت بفهم هذا البعد الجديد لفهم كيف تسكن الأفكار والمعتقدات في أذهاننا وكيف نتعلق بها.

ومن الطبيعي أن يحصل هذا؛ وهذه ليست عبقرية هذه عودة لعقلية الطفل في أشهره الأولى والذي مهما حاولت أن تشرح له لن يفهم ويسمع ويرى للأشياء إلا بصوتها وصورتها، لن تستطيع أن تغير أي شيء في حقيقتها لأنه لا توجد لغة تزيف أو تغير من معناها ولا يوجد لها تصريف مجازي يستطيع تغيير شكلها لونها أو طعمها، يتعامل معها بشكل حسي وملموس.

إذا أصبحت تتمنى أن تفكر بذهنية هذا الطفل هذه هي اللحظة التي تكون قد بدأت تحس أنك لا تعيش داخل مجتمع، هذه وحدة أو عزلة هذه بشارة خلاص إذا إستخدمتها بطريقة سليمة وسلمية، التي بسببها قد يستفيد الكثير من حولك في هذا المجتمع، بل وقد تصبح متصالح ومنسجم أكثر مع المختلفين حولك داخل هذا المجتمع. أنت اليوم قررت تبدأ في التفكير خارج حدود ذهنك لأنك في هذه اللحظة إكتشفت فيها أنك تحب أن تعيش بحالة ذهنية متيقضة .. عليك الخروج من حالة الإنسداد الفكري الذي كنت أنت والآخرين حولك تعيشونها. أنت الآن بدأت تفكر في التفكير، هذه اللحظة التي تكون بكل حب وبكل إحساس من المسؤولية تبحث عن الشيء الأفضل إليك ولمجتمعك.

هذا أفضل أنواع الفضول الذي يصنع أذكياء وعلماء وفن وشعر وأدب ومعجزات. حتى بعدم وجود أي فكرة في ذهنك في البداية ولكن الشعور بالفضول هو الشعور بأنك واعي ومستيقظ، ولكن هذا لا يعني أنك تنطلق بالبحث بسرعة للوصول لنتائج جديدة بتعجل؛ إذا تعجلت وحاولت إستحضار أي نوع من الأجوبة الجديدة فقط لملء هذا الفراغ لتسد فيه شكوكك هذا يؤدي بك إلى إنسداد جديد إذا عجزت عن ربط النقاط خلال سعيك لفهمها وتحليلها وستكتف بعد فترة وتتراجع واعود مستسلم للمفاهيم القديمة وتتكيف معها مجددا نفسيا وفكريا وستقاتل دفاعا عنها بتعصب أحد وتطرف أشد وتكون حقنت نفسك بمخدر أقوى من المخدر الذي أخذته في بداية حياتك.

الطريقة الأمثل لتفعيل فضولك هو بداية بقتل أول وأهم أعداءك وهو الخوف لتكتشف الحياة بمستوى أعلى من الفضول والمغامرة. يتطلب الكثير من الشجاعة للتخلص من المألوف وإحتضان شيء جديد، ولكن تأكد لا أمان في الشيء الذي لم يعد له معنى في حياتك. 

هناك أمان أكثر وإثارة أكبر في المغامرة، في الحركة المستمرة هناك دائما حياة في التغيير هناك دائما قوة، بالفضول أنت قررت الخروج من المحيط الضيق أو الخريطة المرسومة إليك مسبقا التي حصرت حجمك بحجم المكان المحيط بك، بالحدود الضيقة التي رسمت لك.

على فكرة سمكة الحوض المنزلي حجمها يبقى صغير نسبيا بحجم الحوض التي هي فيه، ولكن إذا وضعت نفس هذه السمكة في بحيرة سيتضاعف حجمها أكبر مما كانت عليه في الحوض.

نفس الشيء معنا عندما نحبس أنفسنا كالسمكة في محيط ضيق يحد من إمكانياتنا.

تفكيرنا المفروض يكون في كيف ممكن نزع أنفسنا في بحيرة الإحتمالات التي تنتظر السمكة.

ومن الأشياء التي تعطل الفضول داخلك هو سماحك للأفكار والأخبار السلبية أن تدخل دماغك وتتسكع فيه، لأنك لا توظف حارس لعقلك وتسمح لأي شخص أو فكرة أو خبر يدخل بدعوى أو بدونها، هذا الحارس مهم جدا في حياتك، ومن المفروض يكون لديه قائمة بمن يسمح له الدخول ومن لا يسمح له .. لست مظطرا لتقرأ شيء مزعج أو الرد على رسالة مزعجة أو يؤثر فيك خبر من هنا أو هناك ليأخذ حيز أو مكان ولو صغير في عقلك. وهذا يحدد نوع الدور الذي تريد أن تلعبه في حياتك؛ دور الضحية أو دور البطل.

بالسماح لكل هذه الأفكار بالدخول والخروج إلى حرمة عقلك والعبث فيه وتحويله إلى كابوس أنت حينها تلعب بالتأكيد دور الضحية .. بإختيارك للضيوف المهمة القادرة على تحويل فضولك لأحلام شجاعة وأفكار عظيمة وتحويلها إلى تطبيق وفعل من خلال البطل والمارد الذي بداخلك.

سلام

*دزداريات