بعض الآلام لا تفارق القلب مهما مرت السنوات تبقى كالندبة على الوجه لا يذهب أثرها.... الأهل روح تعيش بها أرواحنا إن ذهب أحدهم فكأنما قطع جزءٌ منها، لاسيما إن جاء الفقد فى أمانك
وتظل الذكريات عبقاً دافئاً يؤنس القلب، و إن كان يطرق على الجرح كلما مر على الخاطر، كتلك الذكرى التى تمر عليّ فى كل حين
فى رواق مشفىً بعيد صوت خُطىً ضئيلة تمشي بخوف تجاورها خطوات أقدام صلبة تتباطأ بجانب تلك الأقدام الصغيرة.. كان هذا دافئاً كثيراً...
هى : قدماي ترتجف... سأسقط.
هو : لا تخافى أنا أمسك بيدك.
نظرت إليه تشبثت بيده و استجمعت قواها و أكملت المسير
هو : ارفعى رأسك لا تنحنى هكذا.
هى : لا.. لا أستطيع إن أقمت رأسي سيؤلمنى الجرح بشدة يا أبي.
هو : لا أنت توهمين نفسك فحسب سيزول هذا الألم سريعاً.
أخذت شهيقاً عميقاً تصحبه رائحة الأدوية و العقاقير .. رفعت رأسها ببطء و هى تضغط على يديه بقوة خوفاً من الألم
آه.. مؤلم يا أبى... مؤلم!
مرت أعوام، عام يتلوه عام.... و كبرت الآلام مع تلك الصغيرة
لقد كبرت يا أبي ليس كثيراً.. لكن أنا فى مثل طولك حين فارقتنى... لم أكن أعلم أن المرض له وجه جميل.... ليته طال و بقيت بجوارى... أتدري يا أبى... أنا بحاجة لأن تمسك يدى مرة أخرى كطفلة لا تزال فى مهدها تتعلم كيف تسير.... اعذرنى يا حارس فؤادى الذى استحال حطاماً من بعدك... اعذرنى على حزنى منك حين تأتى متأخراً و لا تداعبنى... كنت جاهلةً حقاً.... لم أكن أعلم كم أن العالم فى الخارج موحش و مخيف..... لم أكن أدرك ثقل تلك الهموم التى خبئتها فى جوفك.... لا نستطيع حملها من بعدك يا أبى... كيف استطعت حمل كل هذا وحدك.... قصة فراقك لا تروقنى يا أبي.... سأنتظر مجيئك من سفرك الطويل ذاك.... أو أن يقدر الله لى اللحاق بك.... سأستمسك برجائى.... سأتوسل إلى الله أن يجمعنا من جديد... لكن فى أرض لا تحزن فيها و لا تشقى يا أبى.
-
هاجر ساميطائر مغرد
التعليقات
الجميل في ديننا الامل الذي نعيش عليه، أن يجمعنا الله بمن نحب في جنة الخلد، و برغم أننا نفتقد من فارقناهم، نفتقدهم كثيرا إلا أننا نبتسم عندما نتذكر أنه مهما طال الزمن سنلتقي بإذن المولى,
رحم الله والدك و كل المسلمين.
جميل ما كتبت